مثلا فإنّه موجب للتأكّد لا اجتماع المثلين.
والمقام من هذا القبيل بلحاظ الموضوعين ، فإنّ النسبة بين الصلاة بما هي والصلاة بما هي مقطوعة الوجوب هى العموم المطلق ، فيكون الحكم في مورد الاجتماع آكد منه في مورد الافتراق. ومن قبيل العموم من وجه بلحاظ الوجوب والقطع به ؛ إذ قد لا يتعلّق القطع بوجوب الصلاة مع كونها واجبة في الواقع ، والقطع المتعلّق بوجوبها قد يكون مخالفا للواقع ، وقد يجتمع وجوب الصلاة واقعا مع تعلّق القطع به ، ويكون الملاك فيه أقوى ، فيكون الوجوب بنحو آكد. (١)
فتحصّل : أنّ أخذ القطع بالحكم في موضوع حكم آخر مثله بنحو التأكيد لا مانع منه لا في مقام الجعل ولا في المبدأ ولا في المنتهى ، فلا تغفل.
وأمّا الثالث وهو أخذ القطع بالحكم في موضوع ضدّه ، كما إذا قال المولى إن قطعت بوجوب الصلاة تحرم عليك الصلاة فقد ذهب في مصباح الاصول إلى استحالته بدعوى أنّ لازمه هو اجتماع الضدّين ؛ إذ الحرمة وإن تعلّقت بالصلاة بما هي مقطوعة الوجوب في مفروض المثال ، إلّا أنّ الوجوب قد تعلّق بها بما هي ، وإطلاقه يشمل ما لو تعلّق القطع بوجوبها ، فلزم اجتماع الضدّين ؛ فإنّ مقتضى إطلاق الوجوب كون الصلاة واجبة ولو حين تعلّق القطع بوجوبها والقطع طريق محض ، ومقتضى كون القطع بالوجوب مأخوذا في موضوع الحرمة كون الصلاة حراما في هذا الحين ، وهذا هو اجتماع الضدّين (٢).
أورد عليه بأنّ الأحكام من الاعتباريّات لا الواقعيّات ، فاجتماع الحكمين المتضادّين في الاعتباريّات لا استحالة فيه ، وقياسها بالأعراض ليس في محلّه ؛ لأنّ
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ٤٥.