الأعراض من الواقعيّات.
وعليه فاجتماع الضدّين في الأحكام لا استحالة فيه ذاتا ، وإنّما الإشكال في مقام الإثبات ؛ فإنّ جعل الضدّين في الأحكام لا داعي له عند العقلاء ، بل هو نقض للغرض هذا مضافا إلى دعوى استحالة ذلك بالنسبة إلى المبدأ ؛ إذ لا يمكن اجتماع الإرادة والكراهة في موضوع واحد ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الموضوع ليس بواحد فيما إذا كان القطع تمام الموضوع ؛ فإنّ موضوع حكم المتعلّق هو عنوان الخمر أو الصلاة وموضوع الحكم المضادّ هو القطع بهما ، وهما عنوانان متغايران.
ولكنّه أيضا مستحيل لما في مباحث الحجج والاصول من أنّه جعل حكم رادع عن طريقيّة القطع وكاشفيّته ، وقد تقدم أنّه لا يعقل لا على أن يكون حكما ظاهريا لعدم معقوليّة ملاكه في مورد القطع ، ولا واقعيّا للزوم التضادّ ونقض الغرض. (١)
كما يستحيل ذلك بالنسبة إلى المنتهى ، أعني مقام الامتثال لما في منتقى الاصول : من أنّه يمتنع امتثال الحكم الزاجر الباعث في عرض واحد ؛ لامتناع تحقّق الانزجار والانبعاث في آن واحد ... إلى أن قال : وعليه فأخذ القطع بالحكم موضوعا لحكم مضادّ لمتعلّقه ممتنع. (٢) فتأمّل.
فتحصّل : أنّ أخذ القطع بالحكم موضوعا لحكم مضادّ وإن لم يكن بحسب مقام الجعل ممتنعا ، إلّا أنّه ممتنع بحسب مقام المبدأ والمنتهى ، فافهم.
وأمّا الرابع وهو أخذ القطع بحكم في موضوع حكم مخالف له كما إذا قيل : إن قطعت بوجوب الصلاة يجب عليك الصوم مثلا فلا إشكال في إمكانه ، كما لا يخفى.
__________________
(١) مباحث الحجج والاصول ١ : ٩٩.
(٢) منتقى الاصول ٤ : ٩٢.