من يقصّر في مقدّمات قطعه خصوصا إذا كان ذلك من جهة الخوض في المقدّمات العقليّة التي نهى عن الخوض فيها.
ولكن مثل هذه الجهة غير مرتبطة بجهة منجّزيّته وعلّيّته لحكم العقل بوجوب الحركة على وفقه ؛ إذ لا تلازم بين عدم معذوريّة قطعه ذلك عند تخلّفه عن الواقع وبين عدم منجّزيّته في مقام إثبات الاشتغال بالتكليف وصحّة الردع عن العمل على وفقه ... إلى أن قال : ولعلّه إلى ما ذكرنا نظر القائل بعدم اعتبار قطع القطّاع فيراد من ذلك عدم اعتباره في مقام المعذّرية ولو بملاحظة تقصيره في مقدّمات قطعه من الأوّل الناشئ من جهة قلّة مبالاته وعدم تدبّره الموجب لخروجه بذلك عمّا عليه متعارف الناس من الاستقامة الاعوجاج في السليقة بنحو يحصل له القطع من كلّ شيء ممّا لا يكون مثله سببا عاديا لحصول الظنّ بل الشكّ لمتعارف الناس ، لا عدم اعتباره في مقام المنجزيّة ومرحلة إثبات التكليف والاشتغال. بل ويمكن أن يحمل عليه أيضا مقالة الأخباريّين في حكمهم بعدم اعتبار القطع الناشئ من غير الأدلّة السمعيّة ... إلى آخره (١).
وذلك لما عرفت من أنّ حكم العقل بالتنجيز والتعذير ثابت ما دام لم يعرض على المقطوع عنوان آخر أهمّ ، ومع عروض هذا العنوان لا يحكم العقل أو العقلاء بالفعل لا بالتنجيز ولا بالتعذير وإن كان القاطع رأى وظيفته العمل بقطعه ما لم يلتفت إلى عنوان مزاحم أهمّ.
ودعوى ارتكاز المناقضة كما ترى ؛ لأنّها فرع حكم العقل بالتنجيز وهو أوّل الكلام مع عروض العنوان المذكور ، بل يزول حكمه الفعلي بورود الحكم الشرعي لأنّه كاشف عن تعنون المقطوع بعنوان أهمّ.
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٤٣ ـ ٤٤.