وكيف كان فإذا رأى الشارع أو العقلاء أنّ مقطوع قاطع معنون بعنوان مزاحم أهمّ فلم لا يجوز له أولهم أن يمنعوه عن الاتّباع والتنجيز مع تعنون المقطوع بعنوان يقتضي ذلك. ومن المعلوم أنّ حكم العقل والعقلاء ليس أمرا قهريّا بل هو بملاحظة المصالح والمفاسد والمزاحمات. نعم إذا نهي القاطع المذكور عن العمل بقطعه فهو إمّا يلتفت إلى ذلك أي عروض عنوان أهمّ معه لا يحكم العقل بالتنجيز والتعذير فلا مجوّز له للعمل بقطعه ، وإمّا لا يلتفت فحينئذ رأى وظيفته هو العمل بقطعه ، ولكن لا يكون معذورا عند المخالفة ولو في حال قطعه فيما إذا نهي عن مقدّماته ، بل اللازم عليه هو أن يترك العمل بقطعه بعد علمه بأنّ قطعه حاصل من طريق منهي ؛ لأنّ مقطوعه حينئذ معنون بعنوان معه لا يكون منجّزا ولا معذّرا ، كما نقول بذلك في القطع الوسواسيّ أو القطع القياسيّ أو القطع الحاصل من دون تعلّم العلوم وتحصيل الخبرويّة.
وبالجملة فدعوى استحالة المنع عن العمل بالقطع صحيحة في ما إذا كان القطع طريقيّا ولم يعرض عنوان مزاحم أهمّ ، وإلّا فهي ممنوعة ، فيجوز للشارع أو العقلاء أن يمنعوه عن العمل ، كما أنّه لو عمل به ثمّ انكشف الخلاف فلا عذر له.
تعاضد الدين والعقل البديهيّ
ثمّ لا يخفى أنّه لا تعارض بين الدليل العقليّ البديهيّ ، الفطري وبين الأدلّة النقليّة ؛ بل كلّ واحد مكمّل للآخر لوضوح كون الدين مبنيّا على الفطرة ، ولا يمكن المنع الشرعيّ عن الدليل العقليّ البديهي ، وإلّا لزم المناقضة. وهذه الكبرى ممّا لا ينبغي الكلام فيها.
ولكنّ المستفاد من كلام المحدّث الجزائري والبحراني هو منع الكبرى المذكورة ؛ فإنّهما ذهبا إلى أنّ النقلي عند تعارضه بالعقلي مقدّم ، ولا التفات إلى ما حكم