به العقل وفيه ما لا يخفى.
ولعلّ نظرهما في ذلك إلى ما يستفاد من الأخبار مثل قولهم عليهمالسلام : «حرام عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوا منّا» وقولهم عليهالسلام : «لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية ولى الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله حقّ في ثوابه ، ولا كان من أهل الإيمان» ، وقولهم عليهمالسلام : «من دان الله بغير سماع من صادق فهو كذا وكذا» إلى غير ذلك (١) ، من أنّ الواجب علينا هو امتثال أحكام الله التي بلّغها حججه عليهمالسلام ، فكلّ حكم لم يكن الحجّة واسطة في تبليغه لم يجب امتثاله.
ولكن يمكن جوابهما :
أوّلا : بما أفاده شيخنا الأعظم قدسسره من أنّا نمنع مدخليّة توسّط تبليغ الحجّة في وجوب إطاعة حكم الله سبحانه ، كيف والعقل بعد ما عرف أنّ الله تعالى لا يرضي بترك الشيء الفلاني وعلم بوجوب إطاعة الله لم يحتجّ ذلك إلى توسّط مبلغ.
ودعوى استفادة ذلك من الأخبار ممنوعة ؛ فإنّ المقصود من أمثال الخبر المذكور هو عدم جواز الاستبداد بالأحكام الشرعيّة بالعقول الناقصة الظنّيّة على ما كان متعارفا في ذلك الزمان من العمل بالأقيسة والاستحسانات من غير مراجعة حجج الله بل في مقابلهم عليهمالسلام ، وإلّا فإدراك العقل القطعي للحكم المخالف للدليل النقلي على وجه لا يمكن الجمع بينهما في غاية الندرة ، بل لا نعرف وجوده ، فلا ينبغي الاهتمام به في هذه الأخبار الكثيرة مع أنّ ظاهرها ينفي حكومة العقل ولو مع عدم المعارض الخ.
__________________
(١) الوسائل : الباب ٢٩ من أبواب مقدمة العبادات ، ح ٢ ، والباب ٦ من ابواب صفات القاضي وغير ذلك من الأبواب.