مستندة إلى الألفاظ أو مبنيّات على المشابهات والمقايسات. نعم لا بأس بتنقيح المناط القطعيّ الذي لا يكون مبنيّا على المشابهات ، ولكنّه قليل الوجود.
ثم إنّ المحكي عن العلّامة في النهاية أنّه قال : واعلم أنّ الجمع بين الأصل والفرع تارة يكون بإلغاء الفارق ويسمّى تنقيح المناط ، وتارة يكون باستخراج الجامع ، وهنا لا بدّ من بيان أنّ الحكم في الأصل معلّل بكذا ومن بيان وجود ذلك المعنى في الفرع ، ويسمّى الأوّل تخريج المناط ، والثاني تحقيق المناط. (١)
ولا يذهب عليك أنّه إن أراد بإلغاء الفارق إلغاء الخصوصيّة وتنقيح الموضوع فلا كلام ، وإلّا ففيه ما مرّ من التفصيل.
ومنها : الروايات الواردة في النهي عن اعتناء الوسواسي بوسواسه فإنّ إطلاقها يشمل ما إذا كان قاطعا ، ففي صحيحة ابن سنان : ذكرت لأبي عبد الله عليهالسلام رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت : هو رجل عاقل؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : وأيّ عقل له وهو يطيع الشيطان؟! فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال عليهالسلام : سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو ، فإنّه يقول لك : من عمل الشيطان. (٢)
فإنّ المراد من المبتلى بالوضوء والصلاة هو الوسواس فيهما ، وهو بإطلاقه يشمل صورة القطع ، والمستفاد من الرواية أنّ التكرار والعمل بالقطع في صورة الوسواس منهيّ عنه ؛ لأنّ المقطوع معنون بعنوان آخر يوجب تبدّل الحكم وهو عمل الشيطان ، وليس وجه النهي في فرض كون الوسواسي قاطعا إلّا كون مقطوعه معنونا بعمل الشيطان.
هذا مضافا إلى التعليلات الواردة في كثير الشكّ مع أنّه لم يبلغ حدّ الوسواس ،
__________________
(١) المدخل ، للشعرانى : ١٨٦.
(٢) الوسائل : الباب ١٠ من ابواب مقدمة العبادات ، ح ١.