كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنّه يوشك أن يدعك ، إنّما هو من الشيطان. (١) وفي صحيحة زرارة وأبي بصير جميعا قالا : قلنا له : الرجل يشكّ كثيرا في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى ولا ما بقي عليه؟ قال : يعيد. وقلنا : فإنّه يكثر عليه ذلك كلّما أعاد شكّ؟ قال : يمضي على شكّه ، ثمّ قال : لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد ، فليمض أحدكم في الوهم ، ولا يكثرن نقض الصلاة ، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعدّ إليه الشكّ. قال زرارة : ثمّ قال : إنّما يريد الخبيث أن يطاع ، فإذا عصي لم يعدّ إلى أحدكم. (٢)
والمستفاد من هذه التعليلات ممنوعيّة الإطاعة للشيطان ، وهي أمر لا يقبل التخصيص ، فلا مجال لاحتمال أن يكون المنع عن التعوّد للخبيث مخصوصة بمورد كثير الشكّ دون علم الوسواسي ، فبعد إطلاق الممنوعيّة أو عمومها لعموميّة التعليل لا يكون القطع منجّزا ولا معذّرا ؛ لعروض عنوان يمنع عن فعليّة التنجيز ، والتعذير.
وأمّا قطع القطّاع ، فلم أر نصّا فيه. نعم لا يحكم العقل أو العقلاء بعد كون القاطع قطّاعا بكون قطعه منجّزا ومعذّرا لموهونيّة قطعه وكشفه عندهم ، ومع الموهونيّة لا يجب اتّباعه بل القاطع محجوج كما لا وقع لقطع من لم يتعلّم مقدّمات العلوم والفنون ولم يكتسب خبرويّة فيها عند العقلاء بل ينهونه عن العمل به خصوصا عند إعمال القطع في حق الغير.
فهل ترى أنّ العقلاء يجوّزون لمن لا خبروية له بأن يعمل على طبق علمه في حقّ نفسه أو غيره؟! بل لو عمل به مع اعترافه بأنّه لا تعلم ولا خبرويّة له كان
__________________
(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ١.
(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ٢.