ودعوى الفرق بين ما نحن فيه وبين الشبهة البدويّة وغير المحصورة بأنّ المفروض تعلّق العلم الإجمالي فيما نحن فيه بتكليف فعليّ واقعي مردّد بين الأطراف ، ومعه لا يمكن منع الشارع من العلم به كما في العلم التفصيلي ، وإلّا لزم التناقض فلا يجوز الترخيص مطلقا ؛ إذ لا فرق بين الموافقة العمليّة القطعيّة والمخالفة القطعيّة في أنّ العلم الإجمالي علّة تامّة لهما. (١)
مندفعة بأنّ التكليف في الشبهة الغير المحصورة التي تكون خالية عن طروّ العوارض المانعة عن تأثير العلم الإجمالي أيضا فعليّ مع العلم الإجماليّ بوجوده في تلك الدائرة ، فكما أنّ رفع اليد عن فعليّته بالترخيص الشرعي لا مانع منه ، فكذلك يجوز للشارع في الدائرة المحصورة أن يرفع اليد عن فعليّة المعلوم بالإجمال.
والتفرقة بين الشبهة الغير المحصورة والمحصورة لا وجه لها ؛ فإنّ العلم بالحكم الفعلي لو كان موجبا لعدم إمكان الترخيص في موردها للزوم التناقض ، فليكن كذلك في غير المحصورة أيضا ؛ لأنّ العلم باق في الشبهة غير المحصورة عند خلوّها عن العوارض المذكورة هذا مضافا إلى إمكان دعوى قيام بناء العقلاء أيضا على جواز ارتكاب بعض الأطراف أو جميعها في الشبهات غير المحصورة ورفع اليد عن المعلوم بالإجمال حيث ذهبوا إلى عدم وجوب الاجتناب عن بعض الأطراف أو جميعا (٢) في الشبهات غير المحصورة وهو يكفي للشهادة على أنّ العلم الإجمالي يكون مقتضيا فيها لا علّة تامّة ، فإذا تصوّرنا الاقتضاء في العلم الإجمالي في مورد الشبهات الغير المحصورة أمكن تصوّر ذلك أيضا في العلم الإجمالي في مورد الشبهات المحصورة ، فكما أنّ رفع اليد عن الفعليّة يرفع التناقض في الشبهة غير المحصورة ، فكذلك يرفع التناقض
__________________
(١) تنقيح الاصول ٣ ـ ٦٨ ـ ٦٩.
(٢) قال السيّد في فصل الماء المشكوك مسألة ١ وإن اشتبه النجس أو المغصوب في غير المحصورة كواحد في ألف مثلا لا يجب الاجتناب عن شيء منه.