بالاجمال أيضا ، ولكن يمنع عن ذلك الأدلّة الخاصّة ، والجمع بين الأدلّة العامّة والخاصّة ، يقتضي الحكم بعدم جواز الأخذ بالاصول في أطراف المعلوم بالإجمال مطلقا ، فيحرم المخالفة القطعيّة والاحتماليّة ، ويجب الموافقة القطعيّة. نعم الموارد التي تكون خارجة عن مدلول الأخبار الخاصّة ، ولو مع إلغاء الخصوصيّة ، يرجع فيها إلى عمومات البراءة ، كموارد الشبهات غير المحصورة ، والخارج عن محلّ الابتلاء ، فتدبّر جيّدا.
الأمر الخامس : في جواز الاكتفاء بالعلم الإجمالي في مقام الامتثال مع التمكن من الامتثال التفصيلي.
ويقع الكلام في جهات :
الجهة الأولى : أنّه لا إشكال في جواز الاكتفاء بالامتثال الإجمالي في التوصّليّات ، لوضوح سقوط الأمر والتكليف بإتيان المأمور به كيفما اتّفق ، والمأمور به يؤتى به بالامتثال الإجمالي.
ودعوى أنّ التوصّليّات تعمّ الإيقاعات والعقود ، والإتيان بها احتياطا يوجب الإخلال بالجزم المعتبر في الإنشاءات ، إذ الترديد ينافي الجزم ، ولذا ذهبوا إلى عدم صحّة التعليق في الإنشاءات.
مندفعة بإمكان أن يأتي بكلّ طرف جازما ، من دون تعليق وترديد في الإنشاء. فلا فرق بين الإجمالي والتفصيلي في جواز الاكتفاء ، سواء كان في الإنشائيّات ، أو غيرها. ودعوى اعتبار الجزم في الإنشائيّات لا تنافي مع الاكتفاء بالإجمالي ، لإمكان أن ياتي بكلّ طرف جازما لا معلّقا ، فلا تغفل.
الجهة الثانية : في جواز الاكتفاء بالامتثال الإجمالي في العباديّات ، ولا يذهب عليك أنّ الاحتياط فيها ، إما لا يوجب التكرار ، كما إذا دار الأمر بين الاقلّ والأكثر ، وإما يوجب التكرار ، كما إذا دار الأمر بين المتباينين.