عليه ومن المعلوم أنّ الراجح أنّ الشارع لم يرد الحكم الواقعيّ الذي يخالفه الأمارة فعلا لأجل الاضطرار إلى ذلك وعدم المحيص عنه وحينئذ فالأحكام الواقعيّة في مورد الأمارات المؤدّية إلى خلاف الواقع محفوظة لكنّها شأنيّة لا فعليّة (١).
يمكن أن يقال : أوّلا إنّ استقرار البناء على العمل بالطرق والأمارات يكون مسبوقا بجعل الأمارات والطرق كالعلم في الطريقيّة أو الحجّيّة إذ بنائهم عليها ليس بلا وجه مع كونها لا تتمّ في الطريقيّة وكان باب العلم مفتوحا فلا ينافى استقرار البناء على العمل مع جعل الطريقيّة أو الحجّيّة قبل ذلك فامضاء الشارع يرجع إلى إمضاء الطريقيّة أو الحجّيّة بل يمكن أن يقال : إنّ اعتبار طريقيّة الأمارات إلى الواقع يوجب جواز إسناد مؤدّاها إلى المولى ومقتضاه هو صحّة الاحتجاج بها وعليه فالحجّيّة تكون في طول اعتبار الطريقيّة وعملهم عليها مسبوق بهذه الاعتبارات.
وثانيا إنّ لحن طائفة من أدلّة اعتبار الأخبار يساعد مع جعل الطريقيّة كقوله عليهالسلام «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا» لأنّه يرجع إلى الأمر بإلغاء احتمال الخلاف والمعاملة مع الخبر معاملة العلم واليقين كما أنّ لحن أدلّة اعتبار قول المفتي يساعد مع الحجّيّة كقول مولانا الإمام الثاني عشر عجّل الله تعالى له الفرج إنّهم حجّتي وأنا حجّة الله ولا ينافي ما ذكر الأمر بأخذ الأحكام وتلقّيها من مثل يونس بن عبد الرحمن وزرارة وزكريّا ابن آدم وأمثالهم لأنّه من باب التضرّع على الطريقيّة أو الحجّيّة بل مقتضى الجمع بين أدلّة الاعتبار هو اعتبار الطريقيّة الّتي توجب الحجّيّة فيترتّب عليه وجوب الأخذ والتلقّي.
وثالثا إنّ المقصود من احتمال أن يكون المجعول هو الحجّيّة أو الطريقيّة هو دفع الشبهات والمحاذير بمجرّد إمكان إرادة ذلك فلا حاجة في الجواب عن الشبهة إلى
__________________
(١) تنقيح الاصول : ٣ ، ٩٣.