الإثبات كما نصّ عليه المحقّق النائيني قدسسره حيث قال : وليعلم أنّ مجرّد إمكان أن يكون المجعول فيها ذلك كاف في دفع الشبهة بلا حاجة إلى إثبات وقوعه ؛ إذ الكلام في إمكان التعبد بالظنّ.
ثمّ إنّه لا فرق بين الحجّيّة والطريقيّة في دفع الشبهة ؛ فإنّ التضادّ والمناقضة يرتفعان بعدم جعل الحكم المخالف للواقع سواء كان المجعول هو الحجّيّة أو الطريقيّة.
ودعوى : ترجيح الطريقيّة على الحجّيّة بأنّ مجرّد الحجّيّة وإن سوّغت ترتب العقاب إلّا أنّها لا تجوّز نسبة مفاد الأمارة إلى المولى كما في أطراف العلم الإجمالي والشبهة قبل الفحص عن الحكم ، ومن المعلوم جواز إسناد مفاد الأمارات القائمة على الحكم إليه تعالى ، فلا بدّ وأن يكون المجعول هي الطريقيّة (١).
مندفعة : بأنّ ما ذكر من الفرق يتمّ فيما إذا لم يكن مورد الحجّيّة من الأمارات كالشبهة قبل الفحص أو احتمال خصوص كلّ طرف من أطراف المعلوم بالإجمال ، بخلاف ما إذا كان مورد الحجّيّة من الأمارات ؛ فإنّ اعتبار الحجّيّة للأمارة لا ينفكّ عن اعتبار الطريقيّة وبعد تماميّة الطريق بإلغاء احتمال الخلاف جاز إسناد مفاده إلى الواقع ، بل الحجية متفرّعة على الطريقيّة. ثمّ ربّما يشكل في جعل الطريقيّة من العقلاء أو الشارع بأنّ مقتضى اعتبار الوصول بنحو تحقيق الموضوع أن يكون الأثر العقلي مرتّبا على الأعمّ من الوصول الحقيقي والاعتباري ، مع أنّه ليس ترتّب الأثر على الوصول من باب ترتّب الحكم الكلّي على الموضوع الكلّيّ بنحو القضايا الحقيقيّة حتّى يكون القطع من أفرادها المحقّقة الوجود والظنّ مثلا من أفرادها المقدّرة الوجود التي يحقّقها الشارع باعتباره وصولا ، بل هذا الأثر إنّما استفيد من بناء العقلاء عملا على المؤاخذة على التكليف الواصل قطعا أو الواصل بخبر الثقة ففي ما لا بناء عملى لهم على اتّباعه
__________________
(١). تسديد الاصول ٢ : ٣٨.