رابعها : أنّ الأمارة ربّما تقوم على وجوب ما هو مباح واقعا أو على حرمة ما هو مباح كذلك ولازم حجّيّة الأمارة هو الإلزام بشيء من الفعل أو الترك من دون أن تكون فيه مصلحة أو مفسدة ملزمة مع أنّا نقول بتبعية الأحكام الشرعيّة للمصالح والمفاسد ولعلّ هو مراد من يقول إنّ حجّيّة الأمارات تستلزم تحريم الحلال أو ايجابه.
والجواب عنه أيضا بأنّ العقل يحكم بلزوم ذلك بعد تزاحم المفاسد والمصالح الواقعيّة بالأفسد منها ودوران أمر المكلّف بين إدراك الواقع والوقوع في الأفسد وبين عدم إدراك الواقع وعدم الوقوع في مفسدة أعظم.
وذلك لما عرفت من سقوط الواقع عن الفعليّة عند مزاحمته مع وجود المانع. هذا كلّه بناء على عدم القول بالإجزاء في الأمارات والاصول.
وأمّا على القول بالإجزاء فلا مجال للجواب المذكور من أنّه ليس في متن الواقع إلّا الحكم الواقعي لأنّ الظاهر من أدلّة اعتبار الأمارات أنّ موردها يكفي لتحقّق امتثال التكاليف المعلومة بالإجمال فمع انكشاف الخطأ يحكم بصحّة ما أتى به طبقا للأمارات والأصول وهذا لا يساعد مع كون الأمارات لإرشاد المحض فإنّ مقتضى كونها للإرشاد أنّ مع التخلّف لا مجال للحكم بالصحّة إذ الواقعيّات باقية على ما عليها فيجب الإتيان بها ما دامت باقية.
ولكن الذي يسهّل الخطب أنّ المستفاد من أدلّة اعتبار الأمارات حينئذ هو حكومة مفادها على الواقع والحاكم والمحكوم ممّا يجتمعان ولا مضادّة بينهما وإن كانا مولويين.
ومع الحكومة لا يبقى الواقع على الفعليّة بل الحكم الظاهري الذي هو حاكم بالنسبة الى الواقع فعلي في ظرف الشكّ ويكون العمل على وفقه مجزيّا ومع سقوط الواقع عن الفعليّة فلا يرد المحاذير المذكورة على القول بالإجزاء أيضا.
وخلاصة الجواب في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري بناء على الطريقيّة