المذكوران لو وصلا يتزاحمان. وأمّا مع عدم وصول أحدهما وهو الحكم الواقعيّ فلا يتزاحمان.
لا يقال إنّ السببيّة بهذا المعنى ممّا لا يمكن الالتزام به لكونه مستلزما لتبدّل الحكم الواقعي بنوع من التصويب إذ لو فرض كون سلوك الأمارة مشتملا على مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة لا يعقل تعلّق الإيجاب بالواقع يقينا لكونه ترجيحا بلا مرجّح بل لا بدّ من تعلّق الايجاب بالواقع وسلوك الأمارة تخييرا وهذا نوع من التصويب ويدلّ على بطلانه الإجماع والروايات الدالّة على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل.
لأنّا نقول ويمكن الجواب عنه بأنّ الأمارات واعتبارها وسلوكها في طول الأحكام الواقعية والتخيير فرع كون سلوك الأمارة في عرض الأحكام الواقعيّة والمفروض خلافه فتحصّل أنّ التعبّد بالأمارات بناء على السببية أيضا ممكن بعد ما عرفت المراد من المصلحة السلوكيّة فالحكم الواقعي على هذا المبنى أيضا موجود وإنّما سقط الأمر به عن التأثير لمزاحمته مع المصلحة السلوكيّة فيصير شأنيّا ولكن يكون بحيث لو علم به لا يعذر في تركه فيجمع بين الحكم الواقعي والظاهري باختلاف المرتبة لصيرورة الحكم الواقعي شأنيّا والحكم الظاهري فعليّا.
أجوبة الوجوه المذكورة بتعدّد الموضوع واختلاف الرتبة :
ثمّ لا يذهب عليك أنّ الشيخ الأعظم قدسسره أجاب عن المحذورات بتعدّد الموضوع حيث قال يعتبر في التضادّ ما يعتبر في التناقض من الوحدات الثمانيّة ومن الوحدات المعتبرة في التناقض هي وحدة الموضوع وعليه فلا تضادّ بين الحكم الواقعي والظاهري لتعدّد موضوعهما فإنّ موضوع الأحكام الواقعية هي الأشياء بعناوينها الأوّليّة وموضوع الأحكام الظاهريّة هي الأشياء بعناوينها الثانويّة أي بعنوان أنّها مشكوك فيها فلا تضادّ بين الحكم الواقعي والظاهري بعد اختلاف الموضوع فيهما.