ثم إنّ نظير ما ذهب إليه صاحب الكفاية هو ما حكي عن المحقّق النائيني قدسسره من أنّ المجعول في باب الطرق والأمارات هو مجرّد الطريقيّة والكاشفيّة بالأمر بإلغاء الخلاف وعليه أيضا لا يكون هنا حكم تكليفيّ حتّى يلزم من اجتماع الحكم الظاهري والواقعي اجتماع المثلين أو الضدّين بل حال الأمارة حال القطع في عدم جعل الحكم التكليفي.
ولعلّ وجه عدول المحقّق النائينيّ ممّا ذهب إليه صاحب الكفاية هو توهّم أنّ المجعول بناء على جعل الحجّيّة هو المنجّزيّة والمعذّريّة ولازم هذا الجعل هو اخترام قاعدة عقليّة وهي قبح العقاب بلا بيان إذ جعل العقاب بلا بيان تصرّف في ناحية الحكم ومن المعلوم أنّه تخصيص للقاعدة العقليّة وهو غير معقول.
هذا بخلاف جعل الطريقيّة فإنّ تصرّف الشارع حينئذ يكون في ناحية موضوع القاعدة فإنّه يرجع إلى جعل الموضوع فإنّه جعل شيء طريقا وأمارة فيشمله القاعدة المذكورة فلا يوجب تخصيصا في القاعدة بل هو توسعة لها بتوسعة موضوعها.
أورد على صاحب الكفاية والنائيني بأنّه لا دليل على جعل في الطرق والأمارات لا بمعنى جعل المنجّزيّة ولا بمعنى جعل الطريقيّة بل مدرك حجّيّة الأمارات هو بناء العقلاء وسيرتهم على العمل بها من دون جعل والشارع تبعهم في ذلك وأمضى ما بنوا عليه.
ودعوى أنّ إمضاء بناء العقلاء على لزوم العمل بالأمارات قد يؤدّى إلى خلاف الواقع.
مندفعة بما مرّ من أنّه لا مانع منه بعد حمل الحكم الواقعي على الشأني.
يمكن أن يقال إنّ لحن طائفة من أدلّة اعتبار الأخبار يساعد مع جعل الطريقيّة كقوله عليهالسلام «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا» لأنّه يرجع إلى الأمر بإلغاء احتمال الخلاف والمعاملة مع الخبر معاملة العلم واليقين كما أنّ لحن أدلّة اعتبار قول