الى الحجّ ـ مثلا ـ لانّ الاستطاعة ليست مقدّمة للواجب ؛ وانّما هي مقدّمة للوجوب. والواجب اسم فاعل ؛ وهو بمعنى الاستقبال ، مجاز ؛ اتّفاقا. والمراد بالواجب في قولهم : «مقدّمة الواجب واجبة» : ما هو واجب حقيقة ؛ وكلام القوم تامّ. والتقييد ب : «المطلق» ضايع ؛ وان كان شايعا ؛ واحتراز عمّا ليس داخلا عجيب.
واذا تأمّلت ما تلوته عليك ، تحقّقت : انّ كلّ ما هو واجب ، فهو مطلق ؛ وانّ المقيد ليس واجبا ، الّا مجازا ؛ من تسمية الشيء باسم ما يئول اليه.
وظهر عليك ـ ايضا ـ : انّ تقييدهم «ما يتوقّف عليه الواجب» بقولهم : «اذا كان مقدورا» ، يحذو حذو تقييدهم الواجب ب : «المطلق» ؛ كما مرّ في الحاشية السابقة.
ولا يخفى انّ محقّق «العضديّ» وسائر الشارحين لكلام «الحاجبيّ» وجميع اصحاب الحواشي ، لم يوفوا كلامه ما هو حقّه من التأمّل ، ولا حامّوا قول ما قصده من ترك تقييد الواجب ب : «المطلق» ، ولا عثروا على الباعث له على مخالفة المشهور بين القوم في تفسير المقدور ؛ فعليك بالتأمّل في هذا المقام الّذي هو من مزال الاقدام! وان احببت الاحاطة باطراف الكلام ، فارجع الى حواشينا (١) على شرح «العضديّ» ، تجد به ما ينفي الاورام ، ويشفي الاسقام ؛ وبالله الاعتصام.
اذ الكلام بعد الوجوب ؛ لا قبله : فانّ المراد بالواجب في قولهم : «مقدّمة الواجب واجبة» ، الواجب بالفعل ؛ لا ما سيجب فيما بعد.
وعلمنا : هذا جواب عمّا قالوا : قد نأمر عبدنا بفعل ، مع غفلتنا عمّا يتوقّف عليه من الافعال ، فكيف تكون تلك الافعال واجبة عليه ، مع انّا ذاهلون عنها ، فضلا عن ايجابها؟
بما يلزم افعالنا : سواء كان لسانيّة ، او غيرها.
__________________
(١) مع بذل جهدي ـ الى الآن ـ لم نعثر على نسخة منها.