مسائل العلوم الثلاثة ليست مبادي لهذا العلم ، بل ، من كلّ واحد ، بعضه. وامّا الاحكام ؛ فالمراد ، الخمسة كلّها. فينبغي ان تقرأ بالرفع عطفا على البعض المستفاد من حرف التبعيض على قياس ما قالوه في قوله ـ تعالى ـ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا)(١) ؛ فتدبّر!
ثمّ ؛ المستفاد من كلام «الحاجبيّ» (٢) : انّه جعل المنطق من المبادي الكلاميّة ـ كما فهمه الشارح «العضديّ (٣)» (٤) ـ ؛ مع انّ نسبته الى الاصول والكلام واحدة. وقد يوجّه : بانّ الكلام ، لمّا كان رئيس العلوم الشرعيّة ، وكان محتاجا الى المنطق ، نسب اليه تفخيما لشأنه ؛ وهو كما ترى. فلذلك عدلنا عن كلام «الحاجبيّ».
ومرتبة بعد الثلاثة : اي بعد العلوم الثلاثة الاول. والغرض : انّ الاليق بالخائض في علم الاصول ، ان لا يخوض فيه الّا بعد تحصيل الثلاثة. وليس المراد مرتبة علم بعد ما يتوقّف عليه من مسائل العلوم الثلاثة ؛ اعني : بعد مباديه منها.
وموضوعه : موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة الّتي يلحقه لذاته ، او لجوهر ، او لعارض لازم لاحدهما. ولمّا كان هذا العلم باحثا عن الطرق الموصولة الى العلم بالفقه ، كان موضوعه طرق الفقه وكيفيّة استنباطها من ادلّتها ، ك : كون الامر للوجوب ، والنهي للتحريم ، ودلالة صيغ العموم على جميع الافراد ، ويخصّص العامّ بالادلّة المنقولة ، وامثال ذلك.
الاستنباط : اي : استنباط الاحكام من تلك الدلائل.
__________________
(١) البقرة / ٨ ، العنكبوت / ١٠.
(٢) منتهى الوصول والامل / ٤.
(٣) عضد الدين ابو الفضل عبد الرحمن بن احمد بن عبد الغفّار الايجيّ. توفّي سنة ٧٥٦ من الهجرة. له تصانيف ؛ منها : شرح مختصر ابن حاجب ، المواقف و...
(٤) شرح مختصر المنتهى / ٦.