مكلّفين بواجبين مضيّقين ، فانّ التكليف بهما ، امّا اذا كانا كذلك ، فكونهما على هذه الصفة قرينة التخيير في فعل ايّهما شئنا ؛ لانّ غرض الشارع من التكليف بهما امّا (١) ايقاعهما معا في آن واحد ؛ او ايقاع احدهما. والاوّل تكليف بما لا يطاق. فتعيّن الثاني (٢) ؛ مثلا : فاذا امر السيّد الحكيم عبده في وقت واحد بالكتابة والنساجة ، فتضادّهما قرينة تخييره العبد فيهما ؛ اذ هو لا يريد فعلهما في وقت واحد ؛ لاستحالته ؛ لانّه حكيم عادل (٣). ومعلوم : انّ العبد لو تركهما معا ، لذمّه العقلاء ب : «انّك اذا (٤) لم تتمكّن من فعلهما معا ، فهلا فعلت احدهما؟!» ؛ اذ ليس امر السيّد (٥) الحكيم بهما عبثا ؛ فلا بدّ من التلبّس باحدهما ؛ وهو الّذي يختاره منهما ؛ فتأمّل!
والحاصل ، انّا ، ان سلّمنا انّ الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، فانّما نسلّمه ؛ اذا (٦) كان الضدّ الخاصّ غير واجب ؛ كما ذكره الاصحاب في صلاة الجمعة بالنسبة الى السفر بعد الزوال. امّا مع وجوبه وتضييقهما ، فيرجع الى التخيير ؛ الّا ، اذا كان احدهما اهمّ في نظر الشارع ، فيقدّم ؛ ك : الصلاة وتخليص المتروّي ؛ فتدبّر!
وللنّافين : تحقّق الذهول حال الامر عن الاضداد الوجوديّة : وقد يقال (٧) في تأييد هذا الدليل : انّ الامر لا يدلّ على النهي عن الضدّ الخاصّ بشيء من
__________________
(١) د : ليس.
(٢) د : ان يكون غرضه ايقاع احدهما.
(٣) د : الحكيم اذا امر عبده بالكتابة والنساجة في آن واحد ، فتضادّهما دليل على تخيير العبد فيهما ؛ اذ هو لا يريد الجمع بينهما في ذلك الوقت ؛ لانّه حكيم عادل.
(٤) د : حيث.
(٥) د : ـ السيّد.
(٦) م ١ : ان.
(٧) معالم الدين / ٦٤.