فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقا ـ مفردا كان أو غيره ـ في أكثر من معنى بنحو الحقيقة أو المجاز ، ولو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه [١] فإنّ اعتبار الوحدة في الموضوع له واضح المنع ، وكون الوضع في حال وحدة المعنى ، وتوقيفيته لا يقتضي عدم الجواز ، بعد ما لم تكن الوحدة قيدا للوضع ، ولا للموضوع له ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
وفيه : أنّه لا محذور في اجتماع اللحاظات المتعدّدة من النفس في زمان واحد وشاهده صدور أفعال مختلفة من الإنسان في زمان واحد مع أنّ كلّا من الأفعال مسبوق بالإرادة ومن مباديها اللحاظ ، وكذا يشهد لذلك صدور الحكم فإنّ الحكم يتوقّف على لحاظ الموضوع والمحمول والنسبة في آن الحكم.
نعم الشيء الواحد لا يلاحظ في آن واحد بلحاظين فيما إذا لم يكن بين اللحاظين اختلاف أصلا بأن يحضر ذلك الشيء مرّتين عند النفس في آن واحد ، فإنّه من قبيل إحضار الحاضر بخلاف ما إذا كان اختلاف في نحوي اللحاظ كما تقدّم في التنزيل وجعل اللفظ عين المعنى ، وإذا قلنا بأنّ الاستعمال عبارة عن الإتيان بالمبرز فلا يحتاج إلى تعدّد اللحاظ في ناحية اللفظ أصلا فإنّ كون شيء واحد علامة للمتعدّد لا مجال للمناقشة فيه ، كما تقدّم.
[١] إشارة إلى ما ذهب إليه صاحب القوانين قدسسره من عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى مفردا أو غيره ، بمعنى عدم صحته من غير أن يكون امتناع في البين ، وذكر في وجه عدم الجواز لغة ، أنّ الوضع في الألفاظ توقيفي فلا بدّ من رعاية الأمر الحاصل حال الوضع وهو وحدة المعنى يعنى أنّ الواضع عند وضعه اللفظ لم يلاحظ مع المعنى المفروض شيئا من سائر المعاني ، فاللازم أن يكون استعماله فيه أيضا على طبق الوضع ، وعلى ذلك فلا يجوز استعمال اللفظ في أكثر من معنى