الجهة الرابعة : الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر [١] ، ليس هو الطلب الحقيقي الذي يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعي ، بل الطلب الإنشائي الذي
______________________________________________________
لكان هو المستعمل فيه في كلا الموردين ، والحال أنّه لم يكن مستعملا فيه في الندب بالضرورة ، فلم يكن في الوجوب أيضا كذلك. نعم اعتبار المولى الفعل على عهدة المكلف داخل في عنوان الإيجاب ، فيما إذا كان بداعي صدور الفعل من المكلف ، إلّا أنّ هذا ليس بالمعنى الموضوع له والمستعمل فيه للصيغة ، بل المتبادر منها في موارد استعمالها ، البعث إلى المادة وتحريك المخاطب نحو صدور الفعل عنه ، غاية الأمر البعث والتحريك اعتباري ، فإذا كان مطلقا اتّصف بالإيجاب ، وإذا كان مقترنا بالترخيص في الترك ، اتّصف بالندب ، كما ذكر.
وأمّا ما في الكلمات من أنّ الوجوب بمعنى الثبوت ، فلا يدلّ على أنّ معنى الثبوت هو الثبوت على الذمة ، بل الثبوت بالمعنى اللغوي يعمّ الندب أيضا ، لثبوت الطلب بالإضافة إلى المندوبات أيضا.
الطلب والإرادة :
[١] حاصله أنّ للطلب نحوين من التحقّق :
النحو الأول : الطلب الاعتباري الذي يوجد وينشأ باستعمال اللفظ ويحمل عليه الطلب بالحمل الأوّلي ، بناء على انحصار الحمل الشائع الصناعي بحمل الطبيعي على فرده العيني ، على ما ذكره بعض في بحث الوجود الذهني ، ولفظ الأمر موضوع لهذا النحو من الطلب سواء كان إنشائه بصيغة الأمر أو بمادّته أو بمادة الطلب ، فإنّه إذا قيل : أمر فلان فلانا ، يفهم منه أنّه طلب منه طلبا إنشائيا.
والنحو الثاني : الطلب الحقيقي الذي هو أمر نفساني يحمل عليه عنوان الطلب