والروايات في مقام البعث نحوه إرشادا إلى ذلك ، كالآيات والروايات الواردة في الحثّ على أصل الإطاعة ، فيكون الأمر فيها لما يترتّب على المادة بنفسها ، ولو لم يكن هناك أمر بها ، كما هو الشأن في الأوامر الإرشادية ، فافهم.
______________________________________________________
والاستباق مولويا لا بنحو الايجاب ولا بنحو الاستحباب ، بل هو إرشاد ، ومقتضى الجواب الأوّل هو كون الأمر بالمسارعة والاستباق مولويا ، ولكن لا بنحو الإيجاب ، بل بنحو الاستحباب أو مطلق الطلب ومن دون دلالته على خصوصية الوجوب.
ولكن لا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره في الجواب الأوّل غير تامّ ، حيث ذكر أنّ حمل الأمر بالمسارعة والاستباق على الوجوب يوجب التخصيص المستهجن في الآيتين ، والوجه في عدم التمامية هو ما ذكرناه من أنّ الوجوب مقتضى إطلاق الطلب المستفاد من الصيغة ، والمراد من إطلاق الطلب كونه متّصفا بعدم ورود الترخيص في الترك ، وعليه فإذا تعلّق الطلب بأفعال ثمّ ورد الترخيص في ترك بعضها أو أكثرها يرفع اليد عن إطلاقه بالإضافة إلى ما ورد الترخيص في تركه فحسب ، سواء كان تعلّق الطلب بالأفعال بعناوينها ، أو بها بعنوان انحلالي ، فقيام القرينة في المستحبّات على الترخيص في ترك أصلها فضلا عن المسارعة إليها وكذا في الواجبات الموسّعة بالإضافة إلى المسارعة إليها في أوّل وقتها لا يوجب رفع اليد عن إطلاق الطلب المتعلّق بالمسارعة إلى غيرهما من الخيرات وموجبات المغفرة.
وقد يقال : بأنّ ظاهر الأمر بالاستباق في الخير والمسارعة إلى المغفرة هو أمر المكلّفين بالمسابقة في الخيرات والمغفرة ، ولا تكون المسابقة إلّا فيما إذا لم يصل الشخص إلى المقصود قبل الآخرين لفات عنه ، كما في قوله سبحانه : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) فالاستباق والمسارعة هي المسابقة وإرادة الوصول إلى الشيء قبل الآخرين لئلّا يفوت عنه الشيء ، وهذا يناسب الواجب الكفائي ممّا يكون المطلوب من