فانقدح بذلك فساد توهم اتصاف كلّ جزء من أجزاء الواجب بالوجوب النفسي والغيري ، باعتبارين ، فباعتبار كونه في ضمن الكل واجب نفسي ، وباعتبار كونه ممّا يتوسل به إلى الكل واجب غيري ، اللهمّ إلا أن يريد أن فيه ملاك الوجوبين ، وإن كان واجبا بوجوب واحد نفسي لسبقه ، فتأمل.
______________________________________________________
لحصول إرادة أخرى من إرادة الفعل ، هو الموجب لتعدّد طلب المولى ، فهناك طلبان ؛ أحدهما بالأصالة والآخر بالتبعية ، ومن الظاهر أنّ موارد الكلّ والجزء لا تكون من هذا القبيل ؛ إذ من يريد الإتيان بالكلّ يأتي بالأجزاء بنفس تلك الإرادة المتعلّقة بالكلّ ، حيث إنّ الكلّ نفس تلك الأجزاء ، فيكون الحال في الطلب المولوي المتعلّق بالكلّ أيضا كذلك ، حيث لا يكون في البين موجب لتولّد طلب آخر يتعلق بالأجزاء ، فإنّ الأجزاء عين الكلّ ، ولا يؤتى بها إلّا بإرادة الكلّ لا بإرادة أخرى ، وإن شئت قلت : تكون الإرادة بالإضافة إلى كلّ جزء ضمنية لا غيرية ، فيكون طلبها أيضا ضمنيا ، فما ذكره قدسسره من حصول ملاك الوجوب الغيري في الأجزاء أيضا ، لكون الجزء مقدّمة لحصول الكلّ ، لا يمكن المساعدة عليه بوجه.
والعجب أنّه قدسسره أنكر على من زعم أنّ الإتيان بالفرد مقدّمة للإتيان بالطبيعي ، وذكر أنّ الطبيعي عين الفرد ولا معنى للمقدّمية ، مع أنّ الاختلاف بين الطبيعي وفرده اعتبارا أوضح من اختلاف الأجزاء مع الكلّ ؛ لصدق الطبيعي على غير المأتي به ، بخلاف الكلّ فإنّه لا يكون إلّا عين الأجزاء ولا يصدق على غيرها ، وكما أنّ الموجد للفرد يأتي به بنفس الإرادة المتعلّق منه بالإتيان بالطبيعي ، كذلك الحال بالإضافة إلى الآتي بالمركّب.
ولو أغمض عن ذلك وبني على أنّ الجزء مقدّمة للكلّ وفيه ملاك الوجوب الغيري أيضا وأنّه لا يمكن اجتماع المثلين ، فلم لا يلتزم بتعلّق وجوب واحد مؤكّد ،