الحديث بجواب عن هذه الروايات الصحيحة عن يحيى بن معين ».
ومن شواهد ما ذكره العلائي والفيروزآبادي ما جاء في سير أعلام النبلاء بترجمة أبي الصّلت الهروي ، حيث حكى توثيق يحيى بن معين إيّاه وإثباته حديث مدينة العلم بقوله : « وقال عباس : سمعت ابن معين يوثّق أبا الصّلت ، فذكر له حديث أنا مدينة العلم فقال : قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية » (١).
وقد أقرّ الذّهبي ما رواه عباس الدّوري عن يحيى بن معين ، غير أنّه اعترض عليه من ناحية أخرى ، فعقبّه بقوله : « قلت : جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها ، وكان هذا بارّا بيحيى ، ونحن نسمع من يحيى دائما ونحتجّ بقوله في الرجال ، ما لم يتبرهن لنا وهن رجل انفرد بتقويته أو قوّة من وهّاه ».
وهذا الكلام يضرّ بمذهب أهل السّنة ، بل يمكن القول بأنّه يهدم أساس مذهبهم ، إذ لا يخفى علوّ قدر ابن معين وجلالة منزلته في علوم الحديث ـ ولا سيّما. فن الجرح والتعديل ـ على من راجع تراجمه في تهذيب التهذيب ١١ / ٢٨٠ وتهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٥٦ ووفيات الأعيان ٦ / ١٣٩ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٤٢٩ ومرآة الجنان حوادث : ٢٠٣ وغيرها.
بل ذكر ابن الرّومي ـ فيما نقل عنه ابن خلكان ـ : « ما سمعت أحدا قط يقول الحق غير ابن معين ، وغيره كان يتحامل بالقول ».
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٤٦.