عن غيرهما ، وهو ـ مع إصابته في أكثر ما عنده ـ توسع منكر ينشأ عنه غاية الضرر ، من ظن ما ليس بموضوع بل هو صحيح موضوعا ، مما قد يقلّده فيه العارف تحسينا للظن به ، حيث لم يبحث فضلا عن غيره ، ولذا انتقد العلماء صنيعه إجمالا ، والموقع له استناده في غالبه بضعف راويه الذي رمي بالكذب مثلا ، غافلا عن مجيئه من وجه آخر ... » (١).
وفيه : « ثم إنّ من العجب إيراد ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية كثيرا ممّا أورده في الموضوعات ، كما أن في الموضوعات كثيرا من الأحاديث الواهية ، بل قد أكثر في تصانيفه الوعظية وما أشبهها من إيراد الموضوع وشبهه. قال شيخنا : وفاته من نوعي الموضوع والواهي في الكتابين قدر ما كتب ، قال : ولو انتدب شخص لتهذيب الكتاب ثم لإلحاق ما فاته لكان حسنا ، وإلاّ فيما تقرر عدم الانتفاع به إلاّ للناقد ، إذ ما من حديث إلاّ ويمكن أن لا يكون موضوعا » (٢).
وقال السّيوطي : « وقد جمع في ذلك الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي كتابا ، فأكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى رتبة الوضع بل ومن الحسن ومن الصحيح ، كما نبّه على ذلك الأئمة الحفاظ ومنهم ابن الصّلاح في علوم الحديث وأتباعه » (٣).
وفيه : « واعلم أنه جرت عادة الحفّاظ كالحاكم وابن حبّان والعقيلي وغيرهم أنهم يحكمون على حديث بالبطلان من حيثيّة سند مخصوص ، لكون راويه اختلق ذلك السند لذلك المتن ، ويكون ذلك المتن معروفا من وجه آخر ، ويذكرون ذلك في ترجمة ذلك الراوي يجرحونه به ، فيغتّر ابن الجوزي بذلك ويحكم على المتن
__________________
(١) فتح المغيث ـ شرح ألفية الحديث ١ / ٢٣٦.
(٢) نفس المصدر ١ / ٢٣٧.
(٣) اللآلي المصنوعة : ١ / ٢.