بنظره إلى نفسه ، حيث أنه يرى حقيقة الأمر عنده دون غيره ، وكثير من اهل هذا الشأن هلكوا في أودية الحيرة ، لأنّهم اغتراهم الجهل المركب ، فلا يدرون ولا يدرون أنّهم لا يدرون ، كابن تيميّة وابن المقري والسّعد التفتازاني وابن حجر العسقلاني وغيرهم ، فإنّ اعتراضهم على معاصريهم وعلى من سبق من الموتى دال على حصرهم طريق الحق عندهم لا غير.
وقد زاد ابن تيميّة بأشياء ومن جملتها : ما ذكره الفقيه ابن حجر الهيتمي ـ رحمهالله ـ في فتاواه الحديثية ، عن بعض أجلاّء عصره أنّه سمعه يقول ـ وهو على منبر جامع الجبل بالصالحية ـ : إنّ سيدنا عمر ـ رضياللهعنه ـ له غلطات وأيّ غلطات ، وإن سيّدنا علي ـ رضياللهعنه ـ أخطأ في أكثر من ثلاثمائة مكان!! فيا ليت شعري من أين يحصل لك الصواب إذا أخطأ عمر وعلي رضي الله عنهما بزعمك؟ أما سمعت قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في حقّ سيدنا علي : أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ ... ».
فإنّ ظاهر عبارته واستدلاله بحديث مدينة العلم في الردّ على ذاك المتعصّب العنيد دلالة هذا الحديث الشريف على عصمة الامام عليهالسلام ...
وقال المولوي نظام الدين السهالوي الأنصاري في ( الصبح الصادق ) ما نصّه : « إفاضة ـ قال الشيخ ابن همام في فتح القدير ـ بعد ما أثبت عتق أمّ الولد وانعدام جواز بيعها عن عدّة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، وبالأحاديث المرفوعة ، واستنتج ثبوت الإجماع على بطلان البيع ـ ممّا يدلّ على ثبوت ذلك الإجماع ما أسنده عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني قال : سمعت عليا يقول : اجتمع رأيي ورأي عمر في أمّهات الأولاد أن لا يبعن ، ثمّ رأيت بعد أن يبعن ، فقلت له : فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحبّ إليّ من رأيك وحدك في الفرقة ، فضحك علي رضي الله تعالى عنه.
واعلم أن رجوع علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ يقتضي أنّه يرى اشتراط انقراض العصر في تقرّر الإجماع ، والمرجّح خلافه ، وليس يعجبني أنّ لأمير المؤمنين