قوله :
« لا سيّما مع وجود ذاك الشرط أو ما يفوقه في غيره ، كما ثبت برواية أهل السنة ، مثل : ما صبّ الله شيئا في صدري إلاّ وقد صببته في صدر أبي بكر ».
أقول :
إنّ من له أدنى تتبّع للأخبار والآثار يعلم أنّ الشيوخ الثلاثة كانوا على جانب عظيم من الجهل والغباوة ، وقد ذكر العلامة السيد محمد قلي طرفا من براهين ذلك في ( تشييد المطاعن ) ومن شاء فليراجع.
وبالنظر إلى هذه الحقيقة الراهنة لم يشترط أهل السنة في الامام أن يكون عالما بالفعل بجميع الأحكام ، بل اكتفى جمهورهم باشتراط الاجتهاد ، إلاّ أن بعضهم لم يشترطها وجوّز أن يكون الامام مقلّدا للمجتهدين في أمور الدين ، وليس هذا إلاّ محاولة منهم لتصحيح خلافة المشايخ ...
وقد ذكر ذلك كلّه التفتازاني في ( شرح المقاصد ) في ذكر شروط الامام حيث قال « وزاد الجمهور اشتراط أن يكون شجاعا لئلاّ يجبن عن إقامة الحدود ومقاومة الخصوم ، مجتهدا في الأصول والفروع ليتمكّن من القيام بأمر الدين ، ذا رأي في تدبير الأمور لئلاّ يخبط في سياسة الجمهور.
ولم يشترطها بعضهم لندرة اجتماعها في الشخص ، وجواز الاكتفاء فيها بالاستعانة من الغير ، بأن يفوّض أمر الحروب ومباشرة الخطوب إلى الشجعان ، ويستفتي المجتهدين في أمور الدين ، ويستشير أصحاب الآراء الصائبة في أمور الملك » (١).
__________________
(١) شرح المقاصد ٥ / ٢٤٤.