وقال أيضا : « فإنّ المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم هو المدينة الجامعة لمعانى الديانات كلّها ، ولا بدّ للمدينة من باب يدخل منه ، فأخبر أنّ بابها هو علي ، فمن أخذ طريقه دخل المدينة ، ومن لا فلا » (١).
وقال محمد بن إسماعيل الأمير اليماني ـ بعد كلام له في معنى هذا الحديث ـ : « وإذا عرفت هذا عرفت أنه قد خصّ الله الوصيّ عليهالسلام بهذه الفضيلة العجيبة ونوّه شأنه ، إذ جعله باب أشرف ما في الكون وهو العلم ، وأنّ منه يستمد ذلك من أراده ، ثم إنه باب لأشرف العلوم وهي العلوم النبوية ، ثم لأجمع خلق الله علما وهو سيد رسله صلّى الله عليه وسلّم ، وأنّ هذا الشرف يتضاءل عنه كلّ شرف ، ويطأطئ رأسه تعظيما له كلّ من سلف وخلف » (٢).
فإنكار العاصمي هذا المعنى الواضح الذي ينادي به الحديث الشريف بمختلف ألفاظه ، ويعترف به غير واحد من شرّاحه وغيرهم ، عجيب للغاية.
ومن آيات علوّ الحق : أنّ السخاوي والزركشي قد أيّدا في ( المقاصد الحسنة ) و ( الدرر المنتثرة ) حديث مدينة العلم بحديث : « علي مني وأنا من علي لا يؤدّي عني إلاّ أنا أو علي » الدال بصراحة على انحصار أداء الأحكام وغيرها عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعليّ عليه الصلاة والسلام ، فيكون معنى حديث مدينة العلم عندهما نفس المعنى الذي ذكرناه ، وهو أنّه لا يمكن الوصول إلى علم رسول الله إلاّ من طريق أمير المؤمنين. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر!
وأمّا قول العاصمي : « وإن كان الأمر على ما قالوا لما كان يوصل إلى العلم والأحكام والحدود وشرائع الإسلام إلاّ من جهته » فكلام عاطل ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر أنّ الطريق الموصل إلى ذلك هو طريق علي عليهالسلام لا غير ، وأنّ من زعم الوصول إلى ذلك لا عن طريقه فهو مفتر كذّاب ، ويكفى في
__________________
(١) التيسير في شرح الجامع الصغير ١ / ٢٨٤.
(٢) الروضة الندية : ٧٦.