ولا يتوهّم أنّ ( الدهلوي ) لعلّه رواه عن جابر من جهة كونه من حديث جابر أشهر منه من حديث غيره من الأصحاب ، إذ لا يخفى على الخبير أنّ الأشهر بين المحدّثين حديث ابن عباس دون غيره من الأصحاب.
كما لا يتوهّم : لعلّ ( الدهلوي ) ذكره من حديث جابر لكون حديثه هو مورد استدلال الإماميّة دون حديث غيره ، لأنّ علماء أهل الحق رووا حديث مدينة العلم عن جابر وغيره من الأصحاب ، محتجّين به في الكتب الكلامية ، كما لا يخفى من راجع ( المناقب لابن شهرآشوب ) و ( العمدة لابن بطريق ) و ( غاية المرام للبحراني ) وغيرها من الأسفار.
هذا ... وليت ( الدهلوي ) حيث اقتصر على حديث جابر ـ ليوهم الناظرين في كتابه أنّه لم يروه أحد من الأصحاب سواه ـ ذكر حديث جابر بتمامه ، ولم يسقط منه الفقر المتعدّدة ، وبالرغم من وضوح ذلك ممّا تقدّم نعيد ذكر النصّ الكامل له برواية الحافظ الخطيب البغدادي بسنده عن عبد الرحمن بن بهمان : « قال سمعت جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم الحديبية ـ وهو آخذ بيد علي ـ هذا أمير البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره مخذول من خذله ، فمدّ بها صوته وقال : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب » (١).
فهذا ما رواه جابر على حقيقته ، وهو حديث يشتمل على كلمات تكشف عن مدى اهتمام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في إثبات خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام وبيان أفضليّته من غيره ... ولكن لم يرق ( للدهلوي ) ذكر هذه الجمل.
بل الأعجب من ذلك إسقاطه ذيل الحديث ، وهوقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فمن أراد العلم فليأت الباب » مع بلوغه أقصى درجات الشهرة والإعتبار ، وعدم خلوّ لفظ من ألفاظ الحديث ـ في رواية جابر وغيره ـ منه ...
__________________
(١) تاريخ بغداد ٢ / ٣٧٧ ، ٤ / ٢١٩.