وتركت حقّا أنت أولى به ..! وقد أردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فإن الحقّ حقّك ، وأنت أولى بالأمر منه .. فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك.
فقال لهم علي عليه السلام : «لو فعلتم ذلك ما كنتم إلاّ حربا لهم ، ولا كنتم إلاّ كالكحل في العين ، أو كالملح في الزاد. وقد اتّفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيّها ، والكاذبة على ربّها. ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي .. فأبوا إلاّ السكوت ؛ لما يعلمون (١) من وغر صدور (٢) القوم ، أبعضهم (٣) للّه عزّ وجلّ ولأهل بيت نبيّه [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] ، وأنّهم يطالبون بثارات الجاهليّة.
واللّه! لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدّين للحرب والقتال كما فعلوا ذلك حتّى قهروني وغلبوني على نفسي ، ويسبّوني (٤) ، وقالوا لي : بايع وإلاّ قتلناك ..
__________________
(١) في الخصال : لما تعلمون.
(٢) يقال : وغرّ صدره على فلان : توقّد عليه من الغيظ. انظر : الصحاح ٢/٨٤٦ ، والنهاية ٥/٢٠٨ .. وغيرهما.
(٣) كذا ، وفي بحار الأنوار والخصال : وبغضهم .. وهو الظاهر.
(٤) في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار والخصال : ولبّبوني ، وهي بمعنى أخذهم له سلام اللّه عليه بتلابيبه وجرّهم له.
قال الجوهري في الصحاح ١/٢١٦ : لببّت الرجل تلبيبا : إذا جمعت ثيابه عند صدره