بقبول خبر الثاني ؛ لأداء تركه إلى سدّ باب الأخبار والأحكام ، وعدم قبول الأوّل ؛ لكفره بالتعرّض لهما وسبّهما ..
وهذا من غرائب الكلام ، وسخائف الأوهام ؛ ضرورة أنّ من أعذر عائشة في الخروج على إمام زمانها ، وأعذر معاوية في سب علي بن أبي طالب عليه السلام ـ الخليفة الذي لم يكفر باللّه طرفة عين ، مباشرة وتسبيبا ـ ألف شهر ، كيف لا يعذر من سب الخليفة الذي قضى برهة من عمره بالشرك؟!!.
فإن كان ذلك عن اجتهاد يعذر صاحبه فيه فكذا هذا ، بل وزر ذلك أعظم ؛ لأنّه الذي فتح باب سب الخلفاء ، ولو لا ذلك لما سب خليفة على وجه الأرض إلى آخر الدنيا ، وليس غرضي بما قلته تجويز سب الخلفاء ، بل إبداء تناقص أقوال علماء العامة ، وتهافت مبانيهم ، وابتناء مذهبهم على القول الزّور.
ثمّ إنّه قد ظهر لي بالتتبّع الأكيد ابتناء مذهب العامة من بدو الأمر على الجعل والتصنّع والكذب والاختلاق ، وآثار الكذب على جملة من أخبارهم لائحة ، مثل ما رووا عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من أنّ : أبا بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنة (١) .. فإنّ النيقد البصير يجد أنّه من المجعولات ؛
__________________
(١) تعرّض لهذا الحديث الموضوع جمع من أعلامنا وفنّدوه ؛ ممّا أوجب اعتراف الكثير من علماء العامة بوضعه ، وأوّل من أشار لوضعه مولانا الإمام الباقر عليه السلام في حديث مفصل أورده سليم بن قيس الهلالي في كتابه ٢/٦٣٠ و ٧٣٦ [من الطبعة المحقّقة ، وفي