وقد أشكل الأمر في ذلك على بعض من لا تحصيل له ، من حيث إغناء بيان كونه ثقة عن بيان كونه صدوقا ؛ لأنّ الثقة لا يجوز أن يكون كاذبا غير صدوق!
ولكن الخبير الفطن لا يخفى عليه أنّ النكتة في إرداف الوصف بالوثاقة بالوصف بالصدق هي الإشارة إلى أنّ حصول العلم بخصوص هذا الأثر من آثار العدالة والوثاقة مضافا إلى العلم بالوثاقة ، لا أنّ صدقه من حيث الاندراج تحت عموم الوثاقة.
وتوضيح ذلك : أنّ العلم بالوثاقة قد يحصل بالوقوف على بعض المزايا والكفّ عن بعض المناهي ، فيستدلّ بما علم على الكلّية.
وقد يكون الفرد الذي يقع فيه الكلام معلوما بالخصوص لا بالانتقال إليه من فرد آخر ، فإرداف قولهم : ثقة ، بقولهم : صدوق ؛ لإفهام أنا علمنا بالتزامه بالصدق بالوقوف على غاية تحرّزه الكذب ، لا أنّا عرفنا صدقه من حيث عدالته المحرزة بتحرّزه عن الخيانة والغيبة .. ونحوهما.
والحاصل ؛ أنّ الملكة يستدلّ عليها بالآثار ، فمن ترى منه بالمعاشرة الكفّ عن جملة من المناهي دلّك ذلك على أنّ له ملكة تبعث على ترك باقي المحرمات
__________________
٩١ برقم ٢ ، وابن داود في رجاله : ١٩٢ برقم ٧٨٤ ، وورد مثل هذا في يعقوب بن إسحاق السكيت ، قال عنه النجاشي في رجاله : ٤٤٩ برقم ١٢١٤ : إنّه ثقة مصدقا (صدوقا) لا يطعن عليه .. إلى آخره.
وقيل : في يعقوب بن يزيد بن حمّاد الأنباري الأسلمي ، أبو يوسف الكاتب ، قاله العلاّمة في الخلاصة : ١٨٦ برقم ١ في حرف الياء ، وكذا ابن داود في رجاله : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ برقم ١٧٠٠ ، ولعلهما أخذاه من النجاشي في رجاله : ٤٥٠ برقم ١٢١٥.