والعجب كلّ العجب من جمعهم بين روايتهم عن خليفتهم ، ضرب أبي هريرة بالدّرة ، وقوله له : قد أكثرت من الرواية ، ولا أحسبك إلاّ كذّابا (١) ، وبين عملهم بأخبار أبي هريرة ، والاحتجاج بها لأصول الدين وفروعه ، فيحق حينئذ قول النصراني المستسلم ـ في مجلس يزيد عند رؤية رأس الحسين عليه السلام ليزيد ـ : أفّ لك ولدينك ؛ فإنّ لي دينا أحسن من دينك (٢).
وثانيا : إنّ صدور الكبائر من كثير من الصحابة في زمان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وبعد رحلته دراية نطقت به آيات كثيرة ، وأخبار متواترة قطعية أشرنا إلى شطر منها ، وما احتجوا به هنا رواية ، والرواية لا تعارض الدراية.
وبعبارة اخرى ؛ صدور الكبائر منهم قطعي ، وهذه الأخبار ظنية ، ولا يصحّ
__________________
(١) مرت قريبا مصادره ، فلاحظ.
(٢) الملهوف : ١٧٠ ـ ١٧١.
وفيه : .. فقال له [أي النصراني] : يزيد! هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب؟! فقال الرومي : ومن أمّه؟ فقال : فاطمة بنت رسول اللّه ..! فقال النصراني : أفّ لك ولدينك! .. إلى آخره ، وحكاه في بحار الأنوار ٤٥/١٤٢ عنه.
ونقله مرسلا ـ أيضا ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٤٥/١٩١ ذيل حديث ٣٦ ، عن بعض مؤلفات الأصحاب.
وقريب منه ما قاله كامل لابن سعد : أفّ لك يا عمر بن سعد! تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟! أف لك ولدينك يا عمر! .. إلى آخره ، كما جاء في بحار الأنوار ٤٤/٣٠٦.