اليدين، والحكيم إلا بالصنعة ؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام : إن اللطيف منا على حد اتخاذ (١) الصنعة ، أو ما رأيت الرجل يتخذ شيئاً يلطف في اتخاذه (٢) ؟ فيقال : ما ألطف فلاناً! فكيف لا يقال للخالق الجليل : لطيف ؟! إذ خلق خلقاً لطيفاً وجليلاً ، وركب في الحيوان منه أرواحها ، وخلق كل جنس متبايناً من جنسه في الصورة ، لا يشبه بعضه بعضاً ، فكل له لطف من الخالق اللطيف الخبير في تركيب صورته .
ثم نظرنا إلى الأشجار وحملها أطائبها المأكولة منها وغير المأكولة (٣) . فقلنا عند ذلك : إن خالقنا لطيف لا كلطف خلقه في صنعتهم ، وقلنا : إنه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى ، من الذرة إلى أكبر منها في برها وبحرها ، ولا يشتبه عليه لغاتها ، فقلنا عند ذلك : إنه سميع لا بأذن، وقلنا : إنه بصير لا يبصر ؛ لأنه يرى أثر الذرة السحماء في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء (٤) ، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجنة (٥) ، ويرى مضارها ومنافعها ، وأثر سفادها وفراخها ونسلها ، فقلنا عند ذلك : إنه بصير لا كبصر خلقه قال : فما برح حتى أسلم ، وفيه كلام غير هذا (٦) .
[١٣٦ / ٢٩] حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رضياللهعنه ، قال : حدثنا علي بن
__________________
(١) في نسخة (ج ، ه) : ايجاد.
(٢) في نسخة (ج ، ها : إيجاده.
(٣) ( منها وغير المأكولة أثبتناها من النسخ الخطية والتوحيد والبحار .
(٤) في نسخة «ج . هـ» : الصخرة الصماء والسوداء .
(٥) في نسخة ع ، كه : الدحية. وكلاهما بمعنى الظلمة .
(٦) ذكره المصنف في التوحيد : ٢٥٠ / ٣، وقطعة منه في علل الشرائع : ١١٩ / ١ ، وأورد الكليني صدر الحديث في الكافي ١ : ٦١ / ٣ ، وأورده كاملاً الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٣٥٤ / ٢٨١، ونقله المجلسي عن التوحيد والعيون في البحار ٣: ٣٦ / ١٢ .