فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما كنت لألقى الله عز وجل ببدعة لم يحدث إلى فيها شيئاً ، وما أنا من المتكلفين، فأنزل الله تعالى عليه : يا محمد ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا )، على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا ، كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثواباً ولا مدحاً، لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين : ليستحقوا مني الزلفي والكرامة، ودوام الخلود في جنة الخلد ( أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) .
وأما قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) (١) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله ، وإذنه أمره لها بالإيمان ما كانت مكلفة متعبدة، وإلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبد عنها فقال المأمون : فرجت عنى يا أبا الحسن فرج الله عنك ، فأخبرني عن قول الله تعالى : ( الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ) (٢) .
فقال عليهالسلام : «إن غطاء العين لا يمنع من الذكر ، والذكر لا يرى بالعين ، ولكن الله عز وجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام بالعميان ؛ لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلىاللهعليهوآله فيه ، فلا يستطيعون له سمعاً، فقال المأمون : فرجت عني فرج الله عنك (٣) .
__________________
(١) سورة يونس ١۰ : ٩٩ ـ ١۰۰ .
(٢) سورة الكهف ١٨ ١۰١.
(٣) ذكر المصنف صدر الحديث في التوحيد : ٣٢۰ / ٢، وقطعة منه في ٣٤١ / ١١. وقطعة أخرى في ٣٥٣ / ٢٥ ، وأورده الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٣٩٣ / ٣٠٢ ، ونقله المجلسي عن العيون في البحار ٣ : ٣١٧ / ١٤ ، و ١٠ : ٣٤٢ / ٤ .