كل شيء قدير، ثم رفع العرش بقدرته ، ونقله فجعله فوق السماوات السبع ، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهو مسئول على عرشه ، وكان قادراً على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه تعالى خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شيء ، فيستدل بحدوث ما يحدث على تعالى مرة بعد مرة ، ولم يخلق الله العرش الحاجة به إليه ؛ لأنه غنى عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش ؛ لأنه ليس بجسم، تعالى عن صفة خلقه علواً كبيراً .
وأما قوله عز وجل : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) فَإِنَّه عَزَّ وجل خلق خلقه (١) ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته ، لا على سبيل الامتحان والتجربة ؛ لأنه لم يزل عليماً بكل شيء، فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك، ثم قال له : يابن رسول الله ، فما معنى قول الله عز وجل : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) (٢) ؟
فقال الرضا عليهالسلام الي : حدثني أبي موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : إن المسلمين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا .
__________________
(١) في المطبوع والحجرية خلقهم، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية، وهو الموافق للمصادر.
(٢) سورة يونس ١۰: ٩٩ ـ ١۰۰.