فتسميتم بجميعها ، فإن في ذلك دليلاً على أنكم مثله في حالاته كلها، أو في بعضها دون بعض ، إذ قد جمعتكم الأسماء الطيبة ؟!
قيل لهم : إن الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني، وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين، والدليل على ذلك قول الناس، الجائز عندهم السائغ (١) ، وهو الذي خاطب الله عز وجل به الخلق ، فكلمهم بما يعقلون ؛ ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا .
وقد يقال للرجل : كلب وحمار وثور وسكرة وعلقمة وأسد، وكل ذلك على خلافه (٢) ؛ لأنه لم تقع الأسماء على معانيها التي كانت بنيت عليها ؛ لأن الإنسان ليس بأسد ولا كلب ، فافهم ذلك يرحمك الله .
وإنما يُسمى الله عز وجل بالعالم ، لغير علم حادث علم به الأشياء . واستعان به على حفظ ما يستقبل من أمره، والروية فيما يخلق من خلقه ، وتفنية (٣) ما مضى مما أفنى من خلقه ، مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلاً ضعيفاً ، كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم ؛ لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة ، وربما فارقهم العلم بالأشياء ، فصاروا إلى الجهل . وإنما سمي الله عالماً ؛ لأنه لا يجهل شيئاً، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم، واختلف المعنى على ما رأيت .
وسمي ربنا سميعاً لا بجزء (٤) فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به ، كما
__________________
(١) في نسخة (ج ، ها : الشائع .
(٢) في نسخة (ع) زيادة : وحالاته ، وكذلك التوحيد .
(٣) في نسخة (ج ، ها : ومضيه، وفي اع . ك : ويفنيه ، وفي التوحيد : وبعينه . وفي الكافي : ويفسد .
(٤) في الكافي : لا بحرت ، وكذلك بقية الموارد والخرت : الأذن ـ الصحاح ١ : ٢٤٨ ـ خرت .