وأما الظاهر : فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها ، وقعود عليها، وتسلم لذراها ، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها، كقول الرجل : ظهرت على أعدائي ، وأظهرني الله على خصمي ، يخبر عن الفلج والغلبة ، فهكذا ظهور الله على الأشياء .
ووجه آخر وهو : أنه الظاهر لمن أراده، لا يخفى عليه شيء، وأنه مدبر لكل ما يرى (١) ، فأي ظاهر أظهر وأوضح أمراً من الله تعالى ؟! فإنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما يغنيك ، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده ، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى .
وأما الباطن : فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها، ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علماً وحفظاً وتدبيراً ، كقول القائل : أبطنته ، يعني خبرته وعلمت مكتوم سره ، والباطن منا بمعنى الغائر في الشيء المستتر (٢) ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
وأما القاهر : فإنه ليس على معنى علاج ، ونصب واحتيال ، ومداراة ومكر ، كما يقهر العباد بعضهم بعضاً ، فالمقهور منهم يعود قاهراً، والقاهر يعود مقهوراً، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما يخلق ملبس به (٣) الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به ، لم يخرج منه طرفة عين غير أنه يقول له : كن فيكون، والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى .
__________________
(١) في حاشية اك في نسخة : ما برأ .
(٢) في نسخة (ع) زيادة به ، وكذلك التوحيد .
(٣) في المطبوع والحجرية ونسخة (ج ، ه ، ر) : ملتبس ، وما في المتن من نسخة ع ، ك ، وهو الموافق للكافي، وفي حاشية نسخة «ك: ملتيس.