طلع تلك الصنوبرة، فنبتت الحبة، وصارت شجرة عظيمة ، وحرموا ماء العين والأنهار، فلا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوه (١) ، ويقولون : هو حياة الهتنا ، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ، ويشربون هم (٢) وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم .
وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيداً يجتمع إليه أهلها ، فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير (٣) فيها من أنواع الصور ، ثم يأتون بشاة (٤) وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة، ويشعلون فيها النيران بالحطب ، فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها (٥) في الهواء ، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء ، خروا للشجرة سجداً ويبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ، ويصبح من ساقها صباح الصبي : إني (٦) قد رضيت عنكم عبادي ، فطيبوا نفساً وقروا عيناً . فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر، ويضربون بالمعازف ، ويأخذون الدست بند فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ، ثم ينصرفون .
__________________
(١) في المطبوع والحجرية : قتلوهم، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية والعملل والبحار.
(٢) في المطبوع والحجرية : ويشربونهم، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية والعلل والبحار .
(٣) في المطبوع : يريد ، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية والحجرية والعملل والبحار .
(٤) في نسخة (ع) وحاشية (ك) في نسخة : بشياه .
(٥) الفتار : ريح اللحم المشوي ، ويقال : ريح العود الذي يحرق فيذكي به، تهذيب اللغة ٩ ـ ٥٠ ـ فترا ـ.
(٦) في المطبوع والحجرية وحاشية نسخة (ك) : ويقول ، بدل : إلي ، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية والبحار والعلل.