بدل ، ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل (١) كله من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب .
فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ويمكنه اختياره ؟! هيهات هيهات! ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وحسرت العيون ، وتصاغرت العظماء، وتحيرت الحكماء، وتقاصرت العلماء، وحضرت الخطباء ، وجهلت الألباء، وكلت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، فأقرت بالعجز والتقصير .
وكيف يوصف أو ينعت بكنهه، أو يُفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقوم (٢) مقامه ويغني غناه ؟ لا . كيف وأنى ؟! وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين، ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ أظنوا أن ذلك يوجد في غير آل الرسول ؟ كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الباطل ، فارتقوا مرتقى صعباً دحضاً، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم .
راموا إقامة الإمام بعقول جائرة بائرة ناقصة ، وآراء مضلة ، فلم يزدادوا منه إلا بعداً ( قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) (٣) ، لقد راموا صعباً ، وقالوا إفكاً ، وضلوا ضلالاً بعيداً ، ووقعوا في الحيرة ، إذ تركوا الإمام عن بصيرة (٤) ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ) (٥) ، رغبوا
__________________
(١) في المطبوع : بالفعل ، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية والحجرية والمصادر .
(٢) في المطبوع والحجرية : يقام ، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية والمصادر .
(٣) سورة التوبة ٩ : ٣٠.
(٤) في نسخة (ك) : عن غير بصيرة .
(٥) سورة العنكبوت ٢٩ : ٣٨.