القصر، وقد أردت أن أخلو فيه اليوم، فبإذن من دخلت ؟! فقال الشاب : أدخلني هذا القصر ربه ، وبإذنه دخلت ، فقال : ربه أحق به مني ، فمن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، قال : وفيما جئت ؟ قال : الأقبض روحك ، فقال : امض لما أمرت به ، فهذا يوم سروري ، وأبى الله عز وجل أن يكون لي سروراً دون لقائه .
فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئاً على عصاه ـ وهو ميت ـ ما شاء الله ، والناس ينظرون إليه وهم يقدرون أنه حي ، فافتتنوا فيه واختلفوا، فمنهم من قال : إن سليمان قد بقي متكناً على عصاه هذه الأيام الكثيرة، ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب (١) ، إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده، وقال قوم: إن سليمان الساحر (٢) ، وإنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه، يسحر أعيننا وليس كذلك، فقال المؤمنون : إن سليمان هو عبد الله ونبيه يدبر الله أمره بما شاء (٣) .
فلما اختلفوا بعث الله عز وجل الإرضة ، قدبت في عصاه ، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه ، فشكرت الجن الإرضة على صنيعها ، فلأجل ذلك لا توجد الإرضة في مكان إلا وعندها ماء وطين ، وذلك قول الله عزوجل : ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ) يعني عصاه ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ
__________________
(١) في المطبوع والحجرية : ولم يأكل ولم يشرب، ولم يتعب ولم يتم، وما في المتن من النسخ والمصادر.
(٢) في ، ج ، ها والمطبوع : الساحر ، وما في المتن من بقية النسخ .
(٣) في اج ، هـ ، ع ، ق والحجرية : بما يشاء .