الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ) (١) .
وكان بعد نوح عليهالسلام قد كثر السحرة والمموهون ، فبعث الله عز وجل ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة، وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم ، فتلقاه النبي صلىاللهعليهوآله عن الملكين وأداه إلى عباد الله بأمر الله عز وجل ، وأمرهم أن يقفوا به على السحر وأن يبطلوه ، ونهاهم أن يسحروا به الناس ، وهذا كما يدل على السم ما هو وعلى ما يدفع به غائلة السم .
ثم قال عز وجل : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ) يعني أن ذلك النبي صلىاللهعليهوآله أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين ويعلماهم ما علمهما الله من ذلك ، فقال الله عز وجل : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ ) ذلك السحر وإبطاله حَتَّى يَقُولا للمتعلم : ( إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ ) و امتحان للعباد ؛ ليطيعوا الله عز وجل فيما يتعلمون من هذا ويبطلوا به كيد السحرة ولا يسحروهم ( فَلَا تَكْفُرْ ) باستعمال هذا السحر وطلب الإضرار به ودعاء (٢) ، الناس إلى أن يعتقدوا أنك به تحيي وتميت وتفعل . ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فإن ذلك كفر .
قال الله عز وجل : ( فَيَتَعَلَّمُونَ َ ) يعني طالبي السحر ( مِنْهُمَا ) (٣) يعني مما كتبت الشياطين على ما ملك سليمان من النيرنجات ، ومما أنزل
__________________
وقوله : (كما قال هؤلاء الكافرون ( وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) ) أثبتناه من نسخة هـ . ع . ك . ر . ق ، ج، والبحار.
(١) سورة البقرة ١٠٢:٢ .
(٢) في نسخة اج ، هـه : الاحتراز به .
(٣) مقاطع الآية في هذه الصفحة من سورة البقرة ١٠٢:٢ .