ومنحك بلطفه تبصرة تهديك إلى سواء السبيل ـ : أنّه لمّا كان من محامل لفظة المولى الناصر ، كان معنى الحديث : من كنت ناصره فعليّ ناصره. فيكون النبي قد وصف عليّا بكونه ناصرا لكلّ من كان النبي ناصره ، فإنّه ذكر ذلك بصيغة العموم. وإنّما أثبت النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ هذه الصفة ـ وهي صفة الناصرية لعلي ـ لمّا أثبتها الله عزّ وجلّ لعلي ، فإنّه نقل الإمام أبو إسحاق الثعلبي يرفعه بسنده في تفسيره إلى أسماء بنت عميس قالت :
لمّا نزل قوله تعالى : ( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) سمعت رسول الله يقول : صالح المؤمنين علي بن أبي طالب. فلمّا أخبر الله فيما أنزله على رسوله أنّ ناصره هو الله وجبرئيل وعلي ، ثبتت صفة الناصرية لعلي ، فأثبته النبي اقتداء بالقرآن الكريم في إثبات هذه الصفة له.
ثم وصفه بما هو من لوازم ذلك بصريح قوله ـ فيما رواه الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده ـ : إن عليّا دخل فقال : مرحبا بسيّد المسلمين وإمام المتّقين. فسيادة المسلمين وإمامة المتّقين لمّا كانت من صفات نفسه وقد عبّر الله تعالى عن نفس علي بنفسه ، وصفه بما هو من صفاتها ، فافهم ذلك.
ثم لم يزل يخصّه بعد ذلك بخصائص من صفاته ، نظرا إلى ما ذكرنا. حتى روى الحافظ أيضا في حليته بسنده عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لأبي برزة ـ وأنا أسمع ـ : يا أبا برزة ، إنّ الله عهد إليّ في علي بن أبي طالب أنّه راية الهدى ومنار الإيمان ، وإمام أوليائي ونور جميع من أطاعني. يا أبا برزة ، علي بن أبي طالب أميني غدا في القيامة ، وصاحب رايتي في القيامة ، واميني على مفاتيح خزائن رحمة ربّي ،