وللمسلمين ، وتراهم سوّوا بين الثريّا والثرى ، وقرنوا الطلقاء بالسّابقين الأوّلين. والعجب من المحدّثين تراهم يجرحون بمثل قول شريك القاضي وقد قيل عنده : معاوية حليم. فقال : ليس بحليم من سفّه الحق وحارب عليا. وبقوله ـ وقد قيل له : ألا تزور أخاك فلانا؟ فقال : ـ ليس بأخ لي من أزرأ على علي وعمّار. فليت شعري كيف الجمع بالنقم بهذين الأمرين.
ثم لم ترهم يبالون بلعن علي فوق المنابر وبمعاداة من عاداهم ، وتراهم يتكلّمون في وكيع وأضرابه من تلك الدرجة الرفيعة دينا وورعا ، يقولون يتشيّع ، وتشيّعه إنّما هو بمثل ما ذكرنا من شريك ، فإن كان التشيّع إنّما هو ذلك القدر فلعمري ما يسع منصفا الخروج عنه.
وعلى الجملة ، فالشيعة المفرطة غلوا قطعا ، وأراد المحدّثون ـ وسائر من سمّى نفسه بالسنيّة ـ ردّ بدعتهم ، فابتدعوا في الجانب الآخر ، ووضعوا ما رفع الله ورفعوا ما وضع » (١).
وعليه ، فالأجلح إذا كان شيعيّا كان بمثل وكيع والأعمش ، لا يقدح فيه التشيع ، بل جرحه بهذا السبب يكون كجرح الأعمش ووكيع بدعة.
وقال الشيخ نور الحق ابن الشيخ عبد الحق (٢) في ( تيسير القاري بشرح صحيح البخاري ) في شرح حديث البخاري : « حدّثنا حجاج بن المنهال ، حدّثنا شعبة قال : حدّثني عدي بن ثابت قال : سمعت البراء قال : سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ أو قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ : الأنصار
__________________
(١) العلم الشّامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ : ٢٢.
(٢) هو : « الشيخ العالم الفقيه المفتي نور الحق بن محب الله بن نور الله بن المفتي نور الحقّ بن عبد الحق البخاري الدهلوي أحد العلماء المشهورين ... » نزهة الخواطر ٦ / ٣٨٩.