وقل في بني العبّاس ، فإنّك ستجد ـ بحمد الله تعالى ـ مقالا ، وجل في عجائبهم فإنّك ترى ما شئت مجالا ، يجبى فيئهم فيفرّق على الديلمي والتركي ويحمل إلى المغربي والفرغاني ، ويموت إمام من أئمة الهدى وسيد من سادات المصطفى ، فلا تتّبع جنازته ولا تجصّص مقبرته ، ويموت ضرّاط لهم أو لاعب أو مسخرة أو ضارب ، فتحضر جنازته العدول والقضاة ، ويعمر مسجد التعزية عند القواد والولاة ، ويسلم فيهم من يعرفونه دهريا أو سوفسطائيا ، ولا يتعرّضون لمن يدرس كتابا فلسفيا ومانويا ، ويقتلون من عرفوه شيعيا ، ويسفكون دم من سمّى ابنه عليا.
ولم لم يقتل من شيعة أهل البيت غير المعلّى بن خنيس قتيل داود بن علي ، ولو لم يحبس فيهم غير أبي تراب المروزي ، لكان ذلك جرحا لا يبرأ ، ونائرة لا تطفأ ، وصدعا لا يلتئم ، وجرحا لا يلتحم.
وكفاهم أن شعراء قريش قالوا في الجاهلية أشعارا يهجون بها أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويعارضون فيها أشعار المسلمين ، فحملت أشعارهم ودوّنت أخبارهم ، ورواها الرواة مثل الواقدي ووهب بن منبّه التميمي ، ومثل الكلبي والشرقي بن قطامي ، والهيثم بن عدي ، ودأب بن الكناني. وإنّ بعض شعراء الشيعة يتكلّم في ذكر مناقب الوصي ، بل في ذكر معجزات النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيقطع لسانه ، ويمزّق ديوانه ، كما فعل بعبد الله ابن عمار البرقي ، وكما أريد بالكميت بن زيد الأسدي ، وكما نبش قبر منصور ابن الزبرقان النمري ، وكما دمّر على دعبل بن علي الخزاعي ، مع رفقتهم من مروان بن أبي حفصة اليمامي ، ومن علي بن الجهم الشامي ، ليس إلاّ لغلوّهما في النصب واستيجابهما مقت الربّ.
حتى أن هارون بن الخيزران وجعفر المتوكل على الشيطان لا على الرحمن ، كانا لا يعطيان مالا ولا يبذلان نوالا إلاّ لمن شتم آل أبي طالب ونصر مذهب النواصب ، مثل عبد الله بن مصعب الزبيري ، ووهب بن وهب