أهل البيت يتعفّف بزنجية وسندية ، وصفوة مال الخراج مقصورة على أرزاق الصفاعنة وعلى موائد المخانثة ، وعلى طعمة الكلاّبين ورسوم القرّادين ، وعلى مخارق ، وعلوبة المغنّي ، وعلى زدزد وعمر بن بانة الملهّي ، ويبخلون على الفاطمي بأكلة أو شربة ، ويصارفونه على دانق وحبّة ، ويشترون العوّادة بالبدر ويجرون لها ما يفي برزق عسكر ، والقوم الذين أحلّ لهم الخمس وحرّمت عليهم الصدقة ، وفرضت لهم الكرامة والمحبّة ، يتكفّفون ضرّا ويهلكون فقرا ، وليرهن أحدهم سيفه ويبيع ثوبه وينظر إلى فيئه بعين مريضة ، ويتشدّد على دهره بنفس ضعيفة ، ليس له ذنب إلاّ أنّ جده النبي ، وأبوه الوصي ، وامّه فاطمة ، وجدّته خديجة ، ومذهبه الإيمان ، وإمامه القرآن ... » إلى آخر ما أفاد وأجاد (١).
ولا يخفى أن هذه الرّسالة نقلناها من الطّبعة المصريّة لرسائل أبي بكر الخوارزمي ، وقد جاء في آخر النسخة :
« وقد تناهى طبع هذه الرسائل التي لم يبلغ شأوها في الفصاحة سحبان وائل ، هو عندها أدنى من باقل ، ولو ظهرت في أيّامه لمدّ إليها كف مستمد سائل ، ولو كانت في عصر قس بن ساعدة الأيادي ، لكان لها عليه جميل الأيادي ، فلعمري إنّها نسخت ما تركت الأوائل كلمة لقائل ، وأحكمت كم ترك الأوّل للآخر والماضي للغابر ، فليكن الأديب لها نعم الآخذ ، وليعضّ عليها بالنواجذ ، فإنّه يبلغ بها في صناعته أشدّه ، وتكون له في الإنشاء أوفر عدّة.
وكان طبعها على هذا الوجه الحسن ، وتمثيلها في هذا القالب المستحسن ، بدار الطباعة المصرية الكائنة ببولاق مصر المغربة ، تعلق المستعين بمولاه فيما يعيد ويبدي : عبد الرحمن بيك رشدي ، على ذمّة حضرة
__________________
(١) رسائل أبي بكر الخوارزمي : ١١٨.