اجتمعت على ممر الأيام والشهور ، وما يكون هذا سبيل كونه لا يكاد يبرأ في ساعة ، بل يكون في مثل ذلك من الأيام والشهور ، حتى يتم برء العليل. فسمع كلامه جماعة ممن حضر المتطببين ، كل ذلك يريدون به كثرة الذهاب والمجيء إلى العليل ، وأخذ الشيء منه بعد الشيء ، فعرفت الوزير أن من العلل ما يجتمع أيام ويبرأ في ساعة واحدة ، وقد يكون في شهر ويبرأ في ساعة ، فتعجبوا من ذلك.
فسألني الوزير أن اؤلف في ذلك كتاباً يشتمل على العلل التي تبرأ في ساعة ، فبادرت إلى منزلي وعملت هذا الكتاب ، واجتهدت فيه ، وسميته كتاب (برء ساعة) وهو مثل ، كتاب (السر في الصنعة) لأن هذا الكتاب هو دستور الطبيب ، والله الموفق للصواب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال أبو بكر : إن من شأن تأليف الكتب ، أن أذكر العلل التي تكون من الفرق إلى القدم ، وليس كل العلل تبرأ في ساعة واحدة ، فلأجل ذلك ذكرنا عضوا وتركنا أعضاء كثيرة ، ثم ذكرنا بعد ، وقدمت ذكر ما يجوز ان يبرأ في ساعة ، إن شاء الله تعالى.
باب الصداع
إذا كان الصداع في مقدم الرأس وما (١) يلي الجبهة ، فإن ذلك يكون من فضل الدم ، يكون علاج ذلك أن يخرج شيئاً من الدم أما بحجامة أو بفصد فإنه يسكن على المكان. أو يشم شيئاً من الأفيون (٢) المصري الجيد ، ويجعل منه في فيه وأعراضه ، أو يأخذ شيئاً من العنآب (٣) (٤) ، أو يأخذ شيئا من مرقة عدس ، أو يتناول شيئاً من الكسفرة (٥) اليابسة ، فإنه يسكن على المكان.
__________________
(١) في «ش» : مما.
(٢) الأفيون : هو لبن الخشخاش الأسود ، ينبت في مصرفي الصعيد منها بموضع يعرف بأسيوط. «الجامع لمفردات الأدوية والأغذية ١ : ٤٥».
(٣) العناب : ثمر الأراك. «القاموس المحيط ـ عنب ـ١ : ١٠٨».
(٤) في «ط» زيادة : أو من شرابه.
(٥) الكزبرة : من الأبازير التي توضع مع الطعام ، وقد ذكر ابن البيطارفي جامعه الكزبرة والكسبرة والكسبرة ، وأطال في شرحها ووصف أنواعها وخواصها الطبية ، انظر«الجامع لمفردات الأدوية ٤ : ٦٦ـ ٧١ ، القاموس المحيط ـ كزبر ـ ٢ : ١٢٦».