أقول : فاجعل هذا مثالاً لرميك بالنشاب ، ليكون الله ـ جل جلاله ـ هو الرامي في المعنى ، إذا كان به ـ جل جلاله ـ ولأجله ـ جل جلاله ـ وتظفر بنجاح الطلاب.
أقول : وقد روينا في الرمي ـ إذا كان بالله وفي الله (١)جل جلاله ـ حديثا ينبغي ذكره ونشره ، ففيه كرامة وقدوة (٢) ومعجزة لملوك ذوي الألباب ، رويناه من كتاب (دلائل الامامة) تأليف أبي جعفر محمد بن رستم بن جرير الطبري الإمامي ، من أخبار معجزات مولانا محمدبن علي الباقر عليهماالسلام ، ذكربإسناده عن الصادق عليهالسلام قال : حج هشام بن عبدالملك بن مروان سنة من السنين ، وكان قد حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر وابنه جعفر بن محمد عليهمالسلام ، فقال جعفر بن محمد عليهماالسلام : «الحمدلله الذي بعث محمدا بالحق نبيا وأكرمنا به ، فنحن صفوة الله وخلفاؤه على خلقه ، وخيرته من عباده ، فالسعيد من اتبعنا ، والشقي من عادانا وخالفنا».
ثم قال : «فأخبرمسلمة أخاه بما سمع ، فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق وانصرفنا إلى المدينة ، فأنفذ بريداً إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي فاشخصنا ، فلما وردنا مدينة دمشق حجبنا ثلاثاً (٣) ثم أذن لنا في اليوم الرابع ، فدخلنا وإذا قد قعد على سرير الملك ، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم ، سماطان متسلحان ، وقد نصب البرجاس (٤)حذاءه وأشياخ قومه يرمون.
فلما دخلنا ـ وأبي أمامي وأنا خلفه ـ فنادى أبي : يا محمد ، ارم مع أشياخ قومك الغرض ، فقال له : إني قد كبرت عن الرمي ، فإن رأيت أن تعفيني ، فقال : وحق من أعزنا بدينه ونبيه محمد صلى الله عليه لا أعفيك ، ثم أومأ إلى شيخ من بني امية أن أعطه قوسك ، فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ ، ثم تناول منه سهماً فوضعه في كبد القوس ،
__________________
(١) في «ش» : ولله.
(٢) في «ش» : وقدرة.
(٣) في «ش» : ثلاثة أيام.
(٤) البرجاس : غرض في الهواء يرمى بالسهام. «الصحاح ـ برجس ـ٣ : ٩٠٨».