ولا حاجة الى إضافة ( غير الضرورية ) إلى التعريف ، لخروجها بالأدلة من حيث إنّ الضروري يقابل الاستدلالي ، أو أنّ العلم بها وحدها لا يكون فقها ، لا من حيث كونها ضرورية بل من حيث إنّ الكل لا يصدق على الجزء.
وإذا فسّر العلم بـ : الاعتقاد الجازم عن موجبه ، خرج سؤال الظنون لدخولها فيه.
وإذا قيل : بتجزؤ الاجتهاد ، لم تكن لام الاحكام للاستغراق. ولا يدخل المقلد ، لعدم استدلاله على الأعيان.
الإشارة الثانية : يجب التفقّه ، لتوقّف معرفة التكليف الواجب عليه. ولا يرد الندب والمكروه والمباح على عموم وجوب التفقّه ، لأنّ امتياز الواجب والحرام انما يتحقّق بمعرفة كل الأحكام ، إذ التكليف باعتقادها على ما هي عليه ، وهو موقوف على معرفتها.
ووجوبه كفاية ، لقوله تعالى ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) (١).
وللزوم الحرج المنفي بالقرآن العزيز (٢).
وعليه أكثر الإمامية ، وخالف فيه بعض قدمائهم (٣) وفقهاء حلب (٤) ـ رحمة الله عليهم ـ فأوجبوا على العوام الاستدلال ، واكتفوا فيه : بمعرفة الإجماع الحاصل من مناقشة العلماء عند الحاجة إلى الوقائع ، أو النصوص الظاهرة ، أو أن الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار الحرمة ، مع فقد نص قاطع في متنه ودلالته والنصوص محصورة.
ويدفعه : إجماع السلف والخلف على الاستفتاء من غير نكير ولا تعرض لدليل بوجه من الوجوه ، وما ذكروه لا يخرج عن التقليد عند التحقيق ، وخصوصا
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٢.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، سورة الحج : ٧٨.
(٣) كالسيد المرتضى في جوابات المسائل الرسية الأولى ٢ : ٣٢٠.
(٤) كابن زهرة الحلبي في الغنية : ٤٨٦.