وإن استويا في العلم والورع ، فالأولى : التخيير ، لفقد المرجّح ، وان بعد وقوعه حتى منعه بعض الأصوليين ، لامتناع اجتماع أمارتي الحرمة والحلّ.
فإذا اتّبع عالما في حكم فله اتباع الآخر في غيره ، وليس له اتّباعه في نقيضه ، وربّما قيل : بجوازه مع تساويهما في واقعة اخرى.
الإشارة الخامسة : لا يشترط مشافهة المفتي في العمل بقوله ، بل يجوز بالرواية عنه ما دام حيا ، للإجماع على جواز رجوع الحائض إلى الزوج العامي إذا روى عن المفتي ، وللعسر اللازم بالتزام السماع منه.
وما يوجد في بعض العبارات : لا يجوز الإفتاء للعامي بقول المفتي ، محمول على تصرّفه في الحكم تصرّف المفتي.
وهل يجوز العمل بالرواية عن الميت؟
ظاهر العلماء المنع منه ، محتجّين بأنّه لا قول له ، ولهذا انعقد الإجماع مع خلافه ميتا.
وجوّزه بعضهم ، لإطباق الناس على النقل عن العلماء الماضين ، ولوضع الكتب من المجتهدين ، ولأن كثيرا من الأزمنة أو الأمكنة تخلو عن المجتهدين وعن التوصّل إليهم ، فلو لم تقبل تلك الرواية لزم العسر المنفي.
وأجيب : بأن النقل والتصنيف يعرّفان طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث والإجماع والخلاف لا التقليد ، وبمنع جواز الخلو عن المجتهد في زمان الغيبة.
والأولى : الاكتفاء بالكتابة مع أمن التزوير ، للإجماع على العمل بكتب النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام في أزمنتهم ، ولأنّ المعتبر ظنّ الإفتاء وهو حاصل بذلك.
الإشارة السادسة : الإشارة السادسة : في قول وجيز في الأصول يبعث الهمّة على طلبه من مظانّه ، وهي أربعة :
أحدها الكتاب ، وهو : الكلام المنزل لمصالح الخلق ، والإعجاز بسورة