التميز كما في غيره مما صرح بالتمييزية فيه ، وحينئذ ينحصر ذلك في الثلاثة إلى العشرة لعدم صلاحيته لتميز غيره ، واحتمال أن يقال : إنه قد يراد مثلا عشرون وخمسة دلاء أو مائة وعشر دلاء ونحو ذلك ضعيف لاشتماله على حذف عدد وتمييزه من غير قرينة.
فإن قلت : تعين العشرة حينئذ لا معنى له ، قلت : تعين العشرة ليس بقرينة تدل عليها بالخصوص ، بل إنما هو لباب المقدمة الواجب امتثاله في المقام على تقدير النجاسة أو الوجوب التعبدي ، على أنه يمكن دعوى القرينة الدالة عليها بالخصوص بأن يقال : إن الرواية قد اشتمل سؤالها على العذرة وقليل الدم ، وكان الجواب عنهما بهذا اللفظ ، والغرض أنه علم إرادة العشرة في الأولى بقرينة الأخبار (١) الأخر الدالة على ذلك ، فيقوى الظن إرادة ذلك بالنسبة للقليل من الدم ، وكان مراد المحقق رحمهالله من المثال الذي ضربه في رد كلام الشيخ هو أن مميز العدد إن جيء معه بالعدد فلا إشكال ، وإن لم يجيء به فلا يعلم إرادة مقدار منه وإن كان مقصود المتكلم إرادة الخاص منه ، وكونه لا يصلح لأن يقع تمييزا لغيره لا يكون قرينته فإن القائل إذا قال : عندي دراهم لا ينكر عليه في تفسيره لذلك بالزائد على العشرة ، واستوضح ذلك في باب الإقرار.
قلت : هو كلام جيد متجه ، إلا أن مقصود الشيخ أنه باعتبار استقراء الأخبار الواردة في نزح البئر يستفاد قصد جعله مميزا جاريا مجرى تمييز العدد ، فان تم ذلك كان الحق مع الشيخ ، وإلا كان الحق مع المحقق ، والظاهر تمامه ، ومثله يلتزم في باب الإقرار حيث يعلم من قصد المقر جعل ما ذكر تميزا مصطلحا ، كما فرعوا على ذلك فروعا كثيرة من جهة الاعراب والجمعية والافراد ونحوهما ، فمثلا إذا قال القائل : له علي درهما بالافراد والنصب يلتزم بأحد عشر لأنه أقل عدد يصلح لأن يكون هذا مميزا له فلاحظ وتأمل ، إلا أنه قد عرفت من ذلك أنه ليس مقصود المحقق الإطلاق من حيث هو ، فلا يتجه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق.