رد صاحب المدارك على العلامة ، وكذلك قول العلامة في رده : إن فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة لعدم العلم بها فضلا عن التأخير عنها ، والأصول لا تفيد ذلك ، على أنه وارد عليه نفسه لصلاحية كون هذا الجمع مميزا للثلاثة إلى العشرة ، وتعيين ذلك بالمقدمة ليس بأولى من ارتكاب شيء آخر لأجل المقدمة يوافق قول المحقق رحمهالله من نزح الجميع أو غيره ، وكان مراد العلامة بالأقل الأكثر كما عن بعض نسخ المنتهى ، وقد عرفت أن أصالة البراءة لا يمكن التمسك بها هنا لوجوب الاحتياط ، فلا يرد حينئذ عليه ما في المدارك ، بل قد يظهر من المنتهى تعيين إرادة العشرة هنا من وجه آخر ، وهو أن لفظ دلاء جمع كثرة وأقل أفراده العشرة فيحصل الامتثال ، كما لعله ظاهر المحكي عنه في المختلف ، وإن عبر بأن أقل أفراده ما زاد على العشرة فإن مقصوده العشرة فما زاد ، لكن فيه ـ مع ما عرفت من أنه لا فرق بين جمع القلة والكثرة في ذلك ـ أنه موقوف على كون العشرة من أفراده ، فإن الظاهر على ما في بالي من عبارة المصرح بالفرق أن العشرة منتهى أفراد جمع القلة وأنه لا يصدق عليها جمع الكثرة وأن بينهما تباينا لا عموما وخصوصا من وجه ، على أن في كون دلاء جمع كثرة كلاما وإن أمكن تأييده بقوله : يسيرة فتأمل.
وأما ما نقل عن المفيد من الخمس دلاء فلم نعثر له على شاهد كما اعترف به بعضهم وقد يكون أخذه من جهة أن دلاء جمع قلة ومنتهى أفراده العشرة ، وقد قيده الامام عليهالسلام باليسيرة في ذلك ، والمتيقن من اليسيرة بالنسبة إلى ذلك النصف وهو الخمس ، لكنه كما ترى شك في شك ، كالمحكي عن المرتضى رحمهالله من أنه ينزح للدم من دلو واحد إلى العشرين من غير تفصيل إذ هو على احتماله إلا على وجه ضعيف جدا لم نعرف له مستندا ، ولا يوافقه قول الصادق عليهالسلام (١) في خبر زرارة : « في القطرة من الدم ينزح عشرون » ولمكان كون هذه الرواية مخالفة لما عليه الأصحاب أمكن حملها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٣.